يضج وزير حرب جيش منظومة الاحتلال بيني غانتس الفضاء الإعلامي بدعوة للقيادة الفلسطينية للعودة إلى طاولة المفاوضات، فيما ضباط وجنود جيشه يقتلون أطفالنا وفتياننا بالرصاص الحي، ويهنئون جنديًا على دقة إصابته لساق شاب بعيد عنهم لم يكن بوضع مواجهة مباشرة ولا يشكل أدنى خطر عليهم في كفر قدوم.
على الجنرال (بيني غانتس) رئيس الأركان السابق ورئيس حزب "أزرق أبيض" حاليًا الإقرار بأن جنود وضباط جيشه يرتكبون جرائم حرب حسب معايير القانون الدولي، وأن جنوده أدوات لدى حكومة إسرائيلية إرهابية متطرفة هو شريك رئيس فيها قبل أن يوجه دعوته للمفاوضات، فهذه الدعوة التي لن تستجيب لها القيادة الفلسطينية، ليس لأنها بلا مضمون ومرجعيات محددة وحسب بل لأن رصاص جنوده منفذي الجرائم الدموية بحق المواطنين الفلسطينيين قد كشف زيفها، في أحدث جريمة ارتكبوها في بلدة (المغير) شمال مدينة رام الله، بإطلاق الرصاص الحي على الطفل (علي أبو عليا) ذي الثلاثة عشر ربيعا، ولأن دعوته متعارضة أصلًا مع شراكة جيشه مع جيش دويلة المستوطنين الإرهابيين في جرائم قتل واغتصاب أراضي المواطنين والاستيلاء عليها بقوة السلاح وبضغط إرهاب مدعوم من حكومته.
ليست جريمة قتل الطفل أبو عليا هي الأولى، فالسجلات الخاصة بالشهداء في فلسطين حافلة بأسماء من الجنسين ومن مختلف الأعمار لم يوفر المجرمون -الجيش والمستوطنون- وسيلة أو أداة إلا واستخدموها ابتداء من حرق أطفالنا أحياء ودهسهم على الطرقات أو بتسميم مياه مدارسهم وصولًا إلى عمليات تفجير الأدمغة والقلوب برصاص متفجر يتشظى في أجساد أطفالنا، الذين تدفعهم مشاعرهم وأحساسيهم إلى المشاركة في فعاليات شعبية ضد الاحتلال والمستوطنين – رغم حرص الكبار على منعهم حرصًا على حيواتهم - فظلم المحتلين والمستعمرين وجرائمهم بحق أحبابهم وأبناء عائلاتهم وأقاربهم وأبناء بلداتهم تبث فيهم الشعور بالمسؤولية كشباب ورجال حتى لو كانوا في الواقع أطفالًا أو فتيان.
لا يمكن احتساب جرائم جنود جيش الاحتلال كأخطاء فردية، ويجب ألا تنطلي علينا مثل هذه الادعاءات حتى لو عقدت مئة محكمة عسكرية، فالجندي يدرك ما يفعله، فهو ينفذ أوامر قيادات عسكرية عليا، تنفذ أيضًا أوامر قيادة أركان تأتيها توجهات حكومة تعتمد الارهاب وسفك الدماء الإنسانية منهجًا وسبيلًا لقهر وإخضاع الآخرين لإثبات الذات، ويعتقد أعضاؤها أن وجود منظومتهم مرهون بإيصال المواطن الفلسطيني عمومًا والشجاع خصوصًا إلى قناعة بأنه في دائرة الموت حتمًا حتى لو تحرك هنا أو هناك وظن أنه في أمان، فقتل الفلسطيني أو إصابته بقصد الإعاقة الدائمة، ومنعه من تنظيم حياته وحاضره ومستقبله على أرضه، وتدمير ما ينجزه أو ما يفكر بإنجازه يعتبر تعميمًا توجيهيًا تعبويًا تحقن ملخصاته في شرايين جنود وضباط جيش الحرب في إسرائيل، جيش ومستعمرون سيحكم ضمير العالم في يوم ما على قادته أنهم المتمردون الخارجون على قوانين وعهود ومفاهيم وأعراف ومواثيق أمة الإنسان في الصراعات والحروب، فهؤلاء رغم امتلاكهم أحدث التقنيات العسكرية التي تمكن العسكري من تمييز هدفه بدقة ووضوح إلا أنهم ما زالوا يقتلون بعقلية الآدمي البدائي.
الجندي الإسرائيلي الذي أطلق الرصاص على الطفل أبو عليا والمتطرف الإرهابي الداعشي اليهودي الذي حاول إحراق الكنيسة الجثمانية في القدس خرجا من معامل إرهاب منظم تحرص حكومة منظومة الاحتلال والاستعمار العنصري المسماة (دولة اسرائيل) على تقوية مناعته وتمكينه من التمدد والانتشار والقدرة على الانفلات من مضادات القانون الدولي، فهنا في هذا الكيان الذي يرأس حكومته شخص متهم بافتعال حرب أهلية لضمان بقائه في الحكم وإطالة أمد تهربه من المثول أمام القضاء، لن يمنعه أحد في العالم عن الاستمرار في ارتكاب جرائم الحرب بحق الشعب الفلسطيني ما دام قادرًا على التملص والهروب من المثول أمام محاكم وإرادة الشرعية الدولية، التي سيصيبها من العار ما يكفي لطمس كل إيجابياتها إذا استمرت باتباع أسلوب لا أرى لا أسمع، أما المنظمات الحقوقية الدولية فنخشى أنها تقف عاجزة عندما يتعلق الأمر بروح ودماء وبيت وأرض وحرية وحقوق وممتلكات الإنسان الفلسطيني.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها