منذ حوالي شهرين، تحولت منطقة الشرق الأوسط وبالأخص المنطقة العربية، وأكثر خصوصية أطراف منطقة الخليج، إلى مسرح الكوميديا السوداء، يعتلي المسرح الرئيس دونالد ترمب وفريق إدارته الأكثر تهريجًا، مع حليفه وصديقه بنيامين نتنياهو رئيس وزراء دولة الاحتلال، إلى مسرح من أحط أنواع مسارح الكوميديا السوداء، مع صعود أمراء دولة الإمارات العربية إلى المسرح ليؤدوا أدوارهم الكوميدية المأساوية المضجرة، تحت عنوان خطير وكاذب تمامًا، وهو توقيع إتفاق التطبيع المجاني تحت اسم مرحلة جديدة للسلام.

وكان اللافت للنظر بقوة، أن هؤلاء الممثلين الهزليين استعانوا بأسوأ موظفيهم التافهين أمثال أنور قرقاش، والزياني وزير خارجية البحرين ليكونوا ممثلين عنهم في الأجواء الاحتفالية الصاخبة التي أقامها دونالد ترمب في البيت الأبيض الذي يحرص على أن يظل من ساكنيه لفترة ثانية، حتى لو تعرض الشعب الأميركي للفناء على يد العدو المسمى كوفيد 19 الذي تجاهله ترمب ضمن إدعاءاته وأكاذيبه الملونة، والذي تحالف معه نتنياهو حتى يتخلص من المظاهرات التي تطالب باستقالته.

القيادة الشرعية الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس أبو مازن قالت منذ اللحظة الأولى لا حاسمة في وجه ترمب ونتنياهو وفي وجه صفقة القرن، كانت طوال الوقت تستند إلى اليقين الأبيض، بأن ما رفضه الشعب الفلسطيني لن يمر حتى لو كان على رأسه كل الكذابين أمثال نتنياهو، وكل المضطربين عقليًا أمثال دونالد ترمب، وكل العاشقين للذل والخيانة.

ولكن اليقين الأبيض الذي تتحلى به القيادة الفلسطينية على رأس شعبها، يتطلب بذل الجهد الواعي، وهكذا انبثقت رؤية الرئيس بعقد مؤتمر دولي للبحث عن سلام حقيقي، سلام أساسه الحقوق الفلسطينية وليست الأوهام المجنونة الترمبية، وهذا هو جوهر الجلسة التي عقدها مجلس الأمن يوم الأحد والذي شارك فيها الجميع دلالة أن الاحتفالات الصاخبة في البيت الأبيض لم تكن سوى ضجيج فارغ ليس شيئًا آخر.

بل إن محاولة ترمب أن يحقق بعض الحضور في السودان ما تزال محاولات متعثرة، فالسودان مليء بالقوى التي ترفض ذلك، وإذا كان ترمب يعاني من رفض السود الأميركيين فكيف يتخيل إلا إذا كان مضطربا بأنه سينجح مع السودان المدجج بثوابته.

إذًا ضجيج الاحتفالات الأميركية ينطفئ، وصوت الحقيقة الفلسطينية يتقدم ويتوهج، فإلى الأمام ومرة أخرى لن يمر شيء لا يريده الفلسطينيون.