لم يبقَ على الامتحان الكبير في الولايات المتحدة سوى أيام قليلة، بل إن أكثر من عشرة ملايين أميركي أدلوا بأصواتهم تحت عنوان "اقتراع المبكر". وفوق ذلك، فإن الفشل الأميركي الذي يعود بمعظمه إلى الرئيس الحالي دونالد ترامب، الفشل في إدارة وباء كوفيد 19 يزداد سوءًا، وعدد الإصابات والوفيات يفوق الحدود حتى أن كوفيد وصل إلى ابن ترامب، بيرون البالغ من العمر 14 عاماً، أدعوا له بالشفاء العاجل والكامل فلا شماتة في هكذا حالة.
ونعود إلى الموضوع الأول وهو التطبيع المجاني الإماراتي البحريني مع إسرائيل، هذا التطبيع الذي أغرق منذ لحظاته الأولى بأنه اختراق تاريخي، وتباهى به نتنياهو الذي رأى فيه رافعة مجانية قدمت له الإنقاذ من سقوطه الذي يغلق عليه الطريق، كما أنها هدية بثمن رخيص قدمت إلى حليفه ترامب، الذي يعاني من نوعك عليه على كافة المستويات.
أول تعليق صدر عن هذا التطبيع المجاني من دولة الإمارات ومن مملكة البحرين "أن ما كان قائما سرًا، قد إنفضح" هذا كل ما في الأمر، وأن موجات الدعاية كلها لم تستطع أن تخفي الحقيقة، وهذا صحيح، فهناك الملايين في العالم العربي والإسلامي يعرفون أن العلاقات بين المطبعين كانت قائمة منذ 25 سنة وأكثر، نتنياهو اعترف بذلك في مجال المباهاة، لكن كل الدول العربية بما فيها فلسطين، وشعبها وقيادتها كانت تعرف أن هناك سفراء إسرائيليين "غير مقيمين" كانوا يزورون الإمارات والبحرين بانتظام، ثم جاء هذا الاحتفال البائس في البيت الأبيض ليعطي بريقًا زائفًا لإنجاز وهمي.
الآن جاء وقت تدفيع الثمن، وتسديدًا ثقيلاً، فالإمارات التي بالغت في الإدعاء سقطت هذه الإدعاءات من يديها مثل أنية خزفية تحولت إلى حطام أو مجرد تناثر حطام، فقد قال قائلهم إن الاتفاق التطبيعي البائس مع الإسرائيلي تضمن بندا يؤكد على عدم تطبيق ضم أي من الأراضي الفلسطينية، فإذا بهذا الكلام أشد من الخزف هشاشة، وأنه يصدر عن موظفين حتى لو كانوا بمرتبة أمير فهم لم يعرفوا على ماذا يوقعون.
ثم ان الإمارات سارعت إلى الترويج لإشاعة أن تبادل رحلات الطيران بين إسرائيل ودولة الإمارات سيجري على قدم وساق، و يوم أول أمس، صدر بيان يقول إن الموضوع سيتأخر حتى شهر يناير في السنة الجديدة بسبب تطورات كوفيد 19، مع أن كوفيد 19 هو ضيف ثقيل الظل يحضر بقوة في دولة الإمارات وفي إسرائيل منذ قرابة سنة فلماذا يتحدثون عنه كما لو أنه حدث فجأة، ويصر نتنياهو أنه غير موافق على تسليم أميركا طائرات F35 للإمارات، لأن أميركا من مبادئها الرئيسية الاحتفاظ بتفوق السلاح لإسرائيل، يعني أن سر التطبيع الخفي قد انفضح ولم يبقَ ثابتًا سوى الفضيحة.
في الجانب الفلسطيني الذي عانا من استهتار ترامب واستخفافه، فإن الأمور الفلسطينية والحوار الفلسطيني مثلما أكد الأخ جبريل الرجوب عضو مركزية فتح وأمين سرها يسير جيدًا، ووصل إلى توافقات مهمة، سواء حول الانتخابات أو حول المصالحة، والنية الفلسطينية محتشدة لما هو أكثر من ذلك، وبالتالي فغن الإستخفاف الذي مارسه دونالد ترامب سينعكس سلبًا على مكانته وعلى درجة وعيه ومستوى أهليته، فالفلسطينيون يقاومون منذ أكثر من مئة سنة ولم يتعبوا ولن يتعبوا ولن يلقوا السلاح، وإسرائيل والاحتلال الإسرائيلي المصاب هذه الأيام بجنون الإستيطان المتمثل بسرقة الأرض وبناء الوحدت الإستيطانية وسرقة زيتون فلسطين الذي جذوره أقوى منهم ومن احتلالهم ومن خرافاتهم. وكما قلت في البداية السر تكشف والفضيحة أصبحت علنية، ولا أحد يسيء للفلسطينيين إلا ويلقى العقوبة بأسرع مما يتوقع، ترى كم عدد الذين يعاقبون حتى الخزي، سواء كانوا عربًا أو إسرائيليين؟
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها