منذ نشأت القضية الفلسطينية، كصراع وجودي، ومعضلة إنسانية كبرى، في أعقاب المؤتمر الصهيوني الأول في "بازل" السويسرية عام 1897 والفلسطيني هوية، ووجودًا وتطلعات يتعرض لا إلى مختلف أنواع الطعنات السياسية التآمرية، والحربية العدوانية فقط، وإنما أيضًا إلى طعنات الافتراء، والاتهام، والتجني، والأقبح من ذلك يظل هو المطالب بالتعقل، بل وإن يصفق لتلك الطعنات، ويغني لها حتى وحرابها تتوغل في كل مكان من جسد قضيته الوطنية !!
أيّة سايكولوجيا فلسطينية يمكن أن تتخلق نتاج هذا الواقع؟؟ لا يسأل منتجو تلك الطعنات، التي لا تزال تتوالى على نحو بالغ التآمر، أنفسهم هذا السؤال، فيما لا ينظرون للطبيعة الإنسانية نظرة واقعية، ولا للصراع نظرة تاريخية، بما يحمل التاريخ من حتميات لا سبيل لنكرانها، ومن حيث لا نهاية للتاريخ باحابيل القوة والغطرسة والعدوان !!!
لن نغني أبدًا لغير جراحنا، وقد تعددت وتعمقت، وبما يعني أننا لن نقبل بغير ما يشفي هذه الجراح، وفي دروب الحرية التي لا تغير بوصلتها، ولا أي شيء من قيمها الإنسانية النبيلة، ودون أيّة رغبات انتقامية، لكننا مع الأغنيات سنردد مواويل الوجع ونرد على الطعنات بما تستحق من كلام الحقيقة المرة، على أقل تقدير، ولن نقبل بالموت حتى وقوفًا كالاشجار، مثلما قلنا ذات يوم في دروب مسيرتنا النضالية .
لنا ما يؤكد سلامة قيمنا الأخلاقية، وصلابة إرادتنا، وحتمية انتصارنا، ونطقنا سيظل هو النطق الصحيح، لا كمثل قصيدة، وإنما كبلاغ للحقيقة، ومثلما قال شاعرنا قبل هذا اليوم "نطقي صحيح، لأن جروحي صحيحة" وصحيحة بمعنى إنها جروح النضال في سبيل الحق والعدل والجمال، وهذا ما يجعلها أوسمة على صدورنا .
نعم نحن هنا تعبويون، لكن ليس بإنشاء اللغة وبلاغتها، وإنما بالتذكير بالبديهيات الفلسطينية، وطبيعتها التي يحاول الاعلام الاستهلاكي، خاصة في منصات التحريض الالكترونية، التعتيم عليها وطمسها، لأجل أن ننسى من نحن، وما نشكل، وما نريد للحياة من عدل وكرامة وأمن واستقرار وسلام .
نعرف أن اللحظة السياسية الراهنة في واقع القضية الفلسطينية، هي لحظة صعبة ومقترحاتها بالغة الخطورة، لكنا نثق تمامًا إننا قادرون على تجاوز هذه اللحظة بوحدتنا، وبهذا الشأن لا يجوز اليوم إلا أن نكون على قلب رجل واحد، وخلاف ذلك الأمر سيظل في غاية الخطورة، على أننا نثق بعد كل صعب وأزمة، وبالقرار الوطني المستقل، أنه لايصح في المحصلة غير الصحيح، والتاريخ معنا في هذا السياق، وواقعنا النضالي الذي جعلناه كما البحر، لا يضيره، وقد أمسى زاخرًا بحقيقتنا الفلسطينية، أن يرميه مراهق عجول من مراهقي السياسة هذه الايام بحجر!! لن ننسى ولكن ليس على نحو انعزالي وعنصري، كما قد يظن البعض، وانما من أجل أن نواصل دورنا الحضاري في هذه الحياة، وهذا العالم، أن لا يسود الظلم، وأن لايبقى الاحتلال، وحتى لاتكون الخيانة مجرد وجهة نظر !!
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها