آخر ما صدر من تصريحات دونالد ترامب الرئيس الأميركي أنه نصح حليفه المحاط باليأس نتنياهو بأن يبقي على مشروع الدولة الفلسطينية حيًا، هذا التصريح معناه أن ترامب ترك القرار كله لنتنياهو، وهو يعرف أن هذا النتنياهو ما زال يعيش في جلباب أبيه، ما زال يكرر الوهم نفسه بأن مصير الشعب الفلسطيني في يده ولا يجرؤ على الاعتراف بأن مصير نتنياهو نفسه ومصير إسرائيل نفسها حصريًا في يد الشعب الفلسطيني.
ومنذ صعود ترامب إلى البيت الأبيض وهو يمهد لمشروعه الذي أقل ما يقال فيه أنه مشروع عدواني بالمطلق ومشروع مستهين بالشعب الفلسطيني الذي هو مكون رئيس من مكونات الشرق الأوسط، وأن الديانات السماوية الثلاث برغم ما أصابها من اختراقات داخلية وخارجية إلا أنها تقر وتعترف بوجود هذا الشعب الفلسطيني، وأنه ليس عبئًا على التاريخ، وأنه تعرض عبر هذا التاريخ الى مصاعب لا تقل خطورة، وخصوم أقوياء، ولكنهم ذهبوا جميعًا وبقى هو مثل علامة الله، وأن الحكايات الفولكلورية التي طفحت بها التوراة عبر محرريها الذين لم يتمكنوا من السيطرة على التناقضات في الرواية الواحدة لم يكونوا يتخيلون أن هذا الشعب الفلسطيني سيصمد في وجه كل من التحق خادمًا للمشروع الصهيوني سواء في مرحلة الشتات والحنين اليهودي أو في مراحل التكيف مع طموحات دول الاستعمار القديم التي تحولت الى ذكريات سوداء، وعلى رأسها دور الاستعمار البريطاني ثم الامبريالية الأميركية التي لم تتدخل يومًا في رعاية مفاوضات او مصالحة إلا وكان هدفها الاعتداء على الحد الادني للحق الفلسطيني حتى ونحن نتفاوض تحت رعايتها في اتفاق أوسلو الذي تم انجازه في عام 1993، وأن هذه الاستهانة التي أبداها ترامب بشعبنا وبمركزية قضيتنا وعمقها العميق جدًا في الأرض قد أوصلت الثوابت الفلسطينية أن تكون ثوابت عالمية، وثوابت القانون الدولي والشرعية الدولية، وأن المعارك التي فتحها ترامب مع كل خصومه في العالم لم يكن لها سوى دافع وحيد يقول انه يملك المفاتيح ليفرض علينا رؤيته الهشة الفارغة وخواءه العقلي والأخلاقي.
نحن الأن نمر في مرحلة طباعة الكتب التي تصدر عن أعضاء سابقين في الإدارة الأميركية، مثل جيمس بولتون مستشارة للامن القومي سابقا ومثل الكتاب الجديد لابنة أخيه مابي ترامب، ومثل زوجته ميلانيا التي تخوض التجربة هى الأخرى، وهذا شائع في فعاليات السياسة الأميركية وخاصة الانتخابات على الأبواب في الثالث من تشرين الثاني القادم، ولكن أثق بنوع من الإيمان الساطع أن الكتاب الأهم هو الذي سيصدر قريبًا من أعماق تجربتنا الحالية الأن شعبنا موحدًا مع قيادته الشرعية، وهو سيقول القول الفصل بأنه لن يقبل سوى أن يكون ما نحب أن يكون.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها