لقد مر على الشعب الفلسطيني قائمة كبيرة من الصهاينة  المتشددين العنصريين الحاقدين، سواء كانوا يهودًا أو غير يهود، لأن المشروع الصهيوني هو مشروع الاستعمار العالمي، ولكن سفير ترامب ديفيد فريدمان هو الأكثر وقاحة وتطرفًا وعنصرية، أنه مجرم حرب وسنعمل على تقديمه لمحكمة الجنايات الدولية.. هذا المستوطن يتحدث وكأن الأرض الفلسطينية ملك شخصي له. ولا يريد أن يرى أي تردد في أوساط الطبقة السياسية، ولا معارضة بأي شكل للضم فهو يزايد حتى على نتنياهو ويقول له: أعلن الضم الآن قبل حصول أيّة متغيرات قد تؤجل هذه الخطوة.

في اعتقادي، أن المفردات والمصطلحات التقليدية لا تكفي في مواجهة هذا الصهيوني المتطرف، أنه لا يخفي انتهاكه للقانون الدولي بل يحث ويصر على ارتكاب هذا الانتهاك. هو يتصرف وكأنه الوصي على تنفيذ "الوعد الإلهي للشعب اليهودي" الوصي على الرواية الصهيونية وتنفيذها فما قيمة القانون الدولي أمام هذا الوعد الإلهي. ويجب ألا يفوتنا أن هذا المستوطن هو من هندس ووضع خرائط الضم استنادًا إلى رؤيته ورؤية كوشنير في صفقة القرن، فهو يريد أن يسجل التاريخ إسمه إلى جانب الصهاينة الكبار من هرتسيل وبلفور ووايزمان وبن غوريون.

فريدمان يعرف تمامًا أن أي رئيس غير ترامب لن يوافق على فكرة الضم بالشكل المطروح. وبِالإضافة إلى انشغال العالم بوباء الكورونا وما يمكن أن يتركه من تداعيات على الاقتصاد  والواقع الجيوسياسي العالمي، فإن مجرم الحرب هذا يريد أن يسابق الزمن ويعلن الضم قبل حدوث أي متغيرات تعطله. ويتصرف وكأنه هو صاحب القرار  في إسرائيل. ويدعو إلى هدم التلكؤ وإضاعة الوقت في تشكيل الحكومة، فالضم هو أهم من  "دلع  السياسيين" في إسرائيل.

لا يمكن التعامل مع هذا المستوطن بأنه سفير دولة لدولة. بالمفهوم الدبلوماسي التقليدي، إنه مجرم حرب يستخدم منصبه لفرض واقع بالقوة. إنه سليل الفاشية والحقد العنصري بأبشع صوره. انطلاقًا من ذلك فإن الخطوة الأولى هي تقديم هذا الفاشي الى محكمة الجنايات الدولية كمجرم حرب،  ليس فقط باعتباره ينتهك القانون الدولي بل لأنه يهدد الأمن والسلام الدوليين، لأنه ينسف كل الفرص لإحلال السلام في المنطقة.

نحن نعلم الواقع الموضوعي والذاتي الذي شجع عصابة ترامب على التمادي. ونعلم أيضًا أن هذا الصراع لن ينتهي بالتمنيات والركون على صحوة الضمير العالمي. فهذا الضمير متواطئ  مع المشروع الصهيوني منذ أن كان فكرة. أن الشعب الفلسطيني، الذي رفضت قيادته الرضوخ لترامب وكوشنير وفريدمان، سيواصل الصمود والنضال جيلاً بعد جيل حتى يهزم هذا المشروع الصهيوني الاستعماري، لا رهان إلا على أنفسنا.

أما عمليًا، فالمطلوب إعداد أنفسنا لتنفيذ موقف الانفكاك من كافة الاتفاقيات والعودة بالصراع إلى مربعه الاول.. فلسطين هي من النهر إلى البحر.. هي الوطن التاريخي للشعب الفلسطيني، فعكا مثل نابلس ويافا مثل الخليل.

وبموازاة هذا الانفكاك علينا أن نضع حماس أمام المسؤولية التاريخية والوطنية ودعوتها لإنهاء الانقسام، فما هو هذا الخلاف الذي هو أهم وأخطر من تصفية القضية، أن أي تردد من حماس سيعني أنها لا تزال تراهن على دولة غزة.

فريدمان وكل هؤلاء العنصريين، استمدوا التشجيع من هذا الانقسام، فهل سننتظر حتى ينفذ فريدمان ونتنياهو وعد الضم؟