طالب 130 برلمانيًا بريطانيًا بفرض عقوبات على إسرائيل إن قررت حكومتها ضم أجزاء من الضفة الفلسطينية، ولاحظنا وجود ظاهرة جديدة في الكونغرس الأميركي، الذي كان باستمرار منحازًا لإسرائيل، لاحظنا أن عشرات، يزيدون عن مئة، من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ يطالبون الرئيس ترامب بإعادة المساعدات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، وإعادة المساعدات للسلطة الوطنية الفلسطينية ويدعمون حل الدولتين.

هذه المواقف لم تأتِ من فراغ، فمجلس العموم البريطاني سبق واعترف بالدولة الفلسطينية، وطالب الحكومة البريطانية إلى اتخاذ قرار بالاعتراف. ونذكر سلسلة الاعترافات بالدولة الفلسطينية من قبل عدد من البرلمانات الأوروبية، فإلى جانب مجلس العموم البريطاني، اعترفت  برلمانات فرنسا وبلجيكا والبرتغال وإسبانيا واليونان ولوكسمبورغ بالدولة الفلسطينية، ولا ننسى في هذا المجال الاعتراف الأهم، الا وهو اعتراف البرلمان الأوروبي ومملكة السويد كدولة عضو في الاتحاد الاوروبي.

فضلت أن أطلق على موقف أعضاء مجلس العموم وأعضاء الكونغرس "ثورة البرلمانات" لأن كِلا من الدولتين الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا هما من أكثر المنحازين لإسرائيل، وهم أصحاب المشروع الصهيوني أساسًا، بدءًا بوعد بلفور وانتهاء بصفقة ترامب. فتمرد هؤلاء البرلمانيين في البلدين على مواقع دولهم التقليدية هو بمثابة ثورة، خصوصًا أن يطالب برلمانيون بريطانيون بفرض عقوبات على إسرائيل. أن هذا الوقف هو تطور مهم ومؤثر وهو انعكاس لرأي عام في الدولتين، كما يمكن وصفه بأنه تأكيد على اهمية وجود دولة فلسطينية مستقلة للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

إن التغير الجذري والمؤثر هو أن تقرر دول الاتحاد الأوروبي الاعتراف بالدولة الفلسطينية، هذا الاعتراف يمكنه أن يحدث فارقًا ويمنع نتنياهو من الإقدام على الضم والاجهاز على حل الدولتين، وبالتحديد إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة قابلة للحياة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967. ويضع حدا لمخطط ترامب بتمرير صفقة القرن التي تهدف الى تصفية الحقوق الوطنية، وتصفية القضية الفلسطينية.

هناك مخاوف لدى أوساط أوروبية واسعة وحتى أوساط أميركية من صفقة القرن، ومنبع المخاوف أن هذه الصفقة ستفاقم الصراع وتعمقه، وهذا بعكس رغبة المجتمع الدولي، الذي استثمر بفكرة حل الدولتين الكثير من الجهد والدعم. أن خطة ترامب - نتنياهو هي خطة للتصفية وتأبيد الصراع، وهي وصفة لتفجير الأوضاع وزيادة أزمات المنطقة التي تدفع أوروبا ثمنها عبر استقبال أمواج من المهاجرين.

السؤال المهم هو: هل ستفلح ثورة البرلمانيين بلجم تطرف نتنياهو واندفاعات ترامب الصهيونية؟

المنطق يقول ممكن ولكن في ظل الفوضى السياسية التي تسود العالم وقوة وسطوة أصحاب المشروع الصهيوني المنتشرين في كل الدول الكبرى قد تعطل مفاعيل هذا المتغير.