قد تكون لحظة إقرار الكنيست الإسرائيلي لِقانون ضم المستعمرات في الضفة الغربية وشمال البحر الميت ومنطقة الأغوار ومناطق أخرى خطيئة تاريخية ستغير وجه الصراع مع منظومة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني الصهيوني، ولن تكون "فرصة تاريخية لن تتكرر ولن تحصل إلا مرة واحدة في التاريخ" كما قال بنيامين نتنياهو "وهو يحاول خداع الجمهور الإسرائيلي، الذي سيجد نفسه في خضم اكبر مكذبة في التاريخ الحقيقي، وليس الوهمي المكتوب بلغة الغزو والعدوان والحروب الاستعمارية العنصرية.
نعلم ويعلم العالم معنا مسؤولية منظومة الاحتلال عن اغتيال الاتفاقيات مع منظمة التحرير الفلسطينية التي كان بموجبها سيشهد العالم قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية في نهاية العام 1999، لكن هذه المنظومة لم تعلن صراحة مسؤوليتها عن اغتيال الاتفاقيات رغم سوابقها في تحد للعالم والقانون الدولي والخروج على الشرعية الدولية، وإنما تسعى لِدفعنا لإعلان الغائها مرتكزة على رد فعل شعبي وفصائلي فلسطيني حتمي، يستحضر قرارات المجلسين الوطني والمركزي والبدء بتنفيذ توصيات اللجان التي كلفت ببحث كيفية انهاء العلاقة مع سلطات الاحتلال والانفكاك عنها..
ولكن يجب على منظومة الاحتلال المرتدة على مبادئ السلام والمتمردة على مواثيق وقوانين الشرعية الدولية الادراك أنها بإقرار الضم وفرض سيادة قوانينها على أراض فلسطينية اُحتلت في عدوان الخامس من حزيران من العام 1967 لا تعلن مرحلة جديدة من مخططها الاستعماري الاستيطاني العنصري الصهيوني على الشعب الفلسطيني وأرض وطنه فلسطين وحسب، بل أن هذا العدوان الجديد سيشمل المملكة الاردنية الهاشمية ، حيث ستصاب بالشلل التام والموت السريري إن لم تغتال اسرائيل معاهدة السلام الموقعة بين اسرائيل والمملكة في 26 اكتوبر من العام 1994 والمسماة معاهدة وادي عربة نسبة للمكان الذي وقعت فيه من الجانبين بشهادة رئيس الولايات المتحدة الأميركية آنذاك بيل كلينتون، فقد نصت المادة الثالثة تحت عنوان الحدود الدولية على ما يلي:
1- تحدد الحدود الدولية بين الأردن وإسرائيل على أساس تعريف الحدود زمن الانتداب البريطاني.
2- تعتبر الحدود (كما هي محددة في الملحق 1/1) الحدود الدولية الدائمة والآمنة والمعترف بها دولياً بين الأردن وإسرائيل، دون المساس بوضع الأراضي التي دخلت تحت سيطرة الحكم العسكري الإسرائيلي عام 1967.
حظيت منظومة الاحتلال المسماة (دولة اسرائيل) بفرص تاريخية مع دولتين عربيتين مجاورتين لفلسطين المحتلة، وحظيت باتفاق اوسلو مع منظمة التحرير باعتباره جسرًا نحو اتفاق سلام نهائي فيه حل لقضية اللاجئين والقدس والحدود، ونالت هذه الاتفاقيات مباركة العالم عبر منظماته الدولية (الأمم المتحدة) وكبرى الدول وصارت مثلا يحتذى ودروسا في كيفية انهاء الصراعات، ووضع خيار المفاوضات لحلها بديلاً عن عقلية الحروب والتدمير، لكن جبهة العنصرية والاستبداد بِرئاسة نتنياهو في إسرائيل تأبى الانسجام مع أطروحات السلام، وتتمسك بجذور المشروع الصهيوني الاستيطاني الاحتلالي العنصري الذي منذ بداية تطبيقاته على أرضِ فلسطين بمركز الوطن العربي، ووسط منطقة البحر الأبيض المتوسط الحضارية، وفي منطقة حساسة تلتقي فيها الثقافات الروحية السماوية من المنتشرة في قارات الأرض، شهدت المنطقة حربًا عالمية وحروبًا إقليمية وحروبًا قطرية وطائفية وعرقية دموية.
كتب نتنياهو: "لأول مرة منذ قيام الدولة، صفقة القرن تمنح اعترافا أميركيا بسيادتنا على أقاليم الوطن هذه، المستوطنات اليهودية في يهودا والسامرة وغور الأردن، وهذا تطبيق للحلم الصهيوني".
وكتب أيضًا عن خطة ترامب الاستعمارية : "يجب أن لا نفوت مثل هذه الفرصة التاريخية، لدينا أعظم صديق تملكه إسرائيل على الإطلاق في البيت الأبيض، لذلك لدينا حاليًا أكبر فرصة على الإطلاق ولن تتكرر.. هذه أكثر خطة ودية تجاه إسرائيل، وهي انقلاب تاريخي لِمصير شعبنا. ولأول مرة، خطة ترامب تفعل العكس تماما لكل ما تم طرحه في خطط سياسية سابقة... ومن دون علاقة بِموافقة الفلسطينيين أو عدم موافقتهم".
نتنياهو يرى أنه يستمد القوة والأمل بتنفيذ ما وصفه الفرصة التاريخية من دونالد ترامب الفاشل في مواجهة وباء فايروس كوفيد 19 الكورونا المستجد، ترامب الذي دعا الشعب الأميركي إلى شرب سائل الكلور والمعقمات بعد وقوع حوالي مليون اصابة بينهم أكثر من خمسين الف ضحية، ويخادع نتنياهو الموصوف في إسرائيل بالكذاب الجمهور الإسرائيلي بامكانيات جيش واستخبارات واقتصاد ودبلوماسية منظومته وبقدرتها مجتمعة على إخضاع الشعب الفلسطيني ومواجهة ضغوط الاتحاد الأوروبي والدول الصديقة لدولة فلسطين، يخادع وهو يعلم أن الصمود الرسمي والشعبي الفلسطيني في وحدة موقف من قضية تهجير سكان قرية الخان الأحمر وتدمير قريتهم ومدرستهم كمثال على المواجهة على الأرض، وفي قضية قرصنة الأموال الفلسطينية لِمنع دولة فلسطين من الوفاء لذوي الشهداء والأسرى إلى جانب ضغط دول أوروبية صديقة، وموقف الجنائية الدولية كانت عوامل رادعة لمنظومته أجبرته على التوقف، رغم علمنا ان إدارة ترامب كانت قد منحته الضوء الأخضر لفعل ما يشاء لكنه خسئ وهذا ما يجب ان يعلمه الجمهور الاسرائيلي الذي سيكون ضحية رغبات نتنياهو السلطوية، كما كان الشعب الأميركي ضحية ترامب المتغطرس، وإن الإصرار على تنفيذ خطة ترامب الاستعمارية سيدخله في دوامة صراع لا يعلم حدًّا لنهايتها في هذا العالم إلا الشعب الفلسطيني الذي سيواجه منظومة الاحتلال بكل قوة وشرف وطني ، فالشعب الفلسطيني منح العالم فرصة سلام تاريخية ، ولن يغفر لمن سيمنح اعترافه بالاستعمار والاستيطان الصهيوني الجديد، ولا يتصدى معنا لجريمة إسرائيل ضد الإنسانية التي ستكون اذا تمت جريمة اغتيال الفرصة الأخيرة للاستقرار والسلام في المنطقة والعالم أيضًا.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها