يعلم قادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن ما لدى منظمة التحرير الفلسطينية هو ملك للشعب الفلسطيني، وأن للحركات والجبهات والأحزاب نصيبًا بحكم التزامها بأهداف الشعب الفلسطيني الوطنية وبالعمل على رفع مصالحه العليا فوق كل اعتبار، ويجب أن يعلموا أن الديمقراطية الفلسطينية التي تجسدت في كثير من صور الاختلاف في الرأي والفكر السياسي والموقف من قضايا وطنية لم تكن في يوم من الأيام ولن تكون سببًا للخلاف في منظمة التحرير، فالمشكلة تكمن في الانحياز الأعمى للمشاريع العاملة على ضرب العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية، وإضعافها تمهيدًا لاحتوائها وجعلها ورقة رابحة في يد هذه الدولة أو تلك، أو في أيادي قوى إقليمية لا مصلحة لها في القضية الفلسطينية سوى بقاء (جماعات فلسطينية) بمثابة قبضة للمهام الصعبة في الصراع مع  دول عظمى للاستحواذ على مناطق نفوذ.

لم يكن الموقف السياسي للجبهة الشعبية عائقًا أمام قاطرة العقل الوطني الفلسطيني وحكمة رأس الهرم في قيادة الشعب الفلسطيني الرئيس أبو مازن، أو في عهد الرئيس الشهيد ياسر عرفات، بل على العكس كانت الرؤية العقلانية والواقعية للقائدين عامل إنضاج للوعي السياسي لدى قيادات في الجبهة يبدو أنهم يحاولون انتهاج خط الرجعية بحكم معاشرتهم عن طيب خاطر وارتباطهم بمصالح نفعية مادية مع رموز رجعية  دينية وسياسية على حد سواء! فعن أي ابتزاز سياسي وقرصنة يتحدثون فيما نراهم يلعبون كما لعب سابقيهم في ملاعب أنظمة ودول ما كان هدفها إلا القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية منذ اللحظة الأولى التي اكتسبت ثقة الشعب الفلسطيني وأصبحت ممثله الشرعي والوحيد هي ذاتها المنظمة التي أعلنت ميثاق الاستقلال في اجتماع المجلس الوطني الخامس عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 1988 عندما وقف الدكتور جورج حبش – رحمه الله – مصفقًا للإعلان الذي تلاه القائد ياسر عرفات رحمه الله، وهو الميثاق نفسه (الإعلان) الذي يتخذه الرئيس أبو مازن مرجعًا لسياسة المنظمة المنسجمة مع قراراتها وأهدافها ويقول لكل منتقد أو مشكك  بسياسته: "اتحدى من يثبت أننا انحرفنا عن نصوصه أو تراجعنا ولو خطوة".

نعتقد وهذا رأي شخصي نسجله هنا بصفتي عضوا في المجلس الوطني أنه لا يحق لمن يمد يده إلى دول إقليمية وهو يعلم مدى مساهمتها في دعم انقلاب حماس ومشروعها الانفصالي، ويعلم كل تفاصيل اندماج هذه الدولة أو تلك في المحاولات السرية والعلنية أيضًا لِخلق بدائل عن المنظمة أن يطالب المنظمة بأموال هي في الأصل مخصصة لمن يخدم الأهداف والمصالح العليا للشعب الفلسطيني، وما الشراكة الواضحة في الحملة على شخص وسياسة رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة رئيس دولة فلسطين المعلنة في الميثاق وقرارات الأمم المتحدة، ومحاولة إسقاط البرنامج السياسي للمنظمة والمطالبة بحصة من مال الشعب الفلسطيني، ما هو إلا الابتزاز السياسي بعينه، وقرصنة حلال تعلموها من كثرة اختلاطهم مع المشعوذين والعابثين في الدين.

لم نعد نحتمل طعنات اخوتنا وأشقائنا من الخلف، فيما نحن في ذروة مواجهة مصيرية مع منظومة الاحتلال الاستعماري الاستيطاني العنصري، وحملات مسؤولين في الصف الأول من الجبهة الشعبية على الرئيس أبو مازن نراها مقصودة ومبرمجة من حيث التوقيت والمضمون.

لم يكن مصادفة إطلاق عضو اللجنة المركزية للجبهة ماهر مزهر وابل مصطلحات مسمومة على رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية محمود عباس بعد انتهاء ذخيرة المدعو أحمد جبريل القيادة العامة الحارقة على رمز الكفاح والعمل الثوري الفدائي الشهيد ياسر عرفات، وما بينهما حرص مشايخ فرع الاخوان المسلمين في فلسطين المسمى حماس على تفجير أي فرصة للقاء الكل الفلسطيني لمواجهة الخطر القادم على الكل الفلسطيني، فيبدو لنا المشهد كأعضاء فرقة وزع عليهم المايسترو أدوار العزف على أوتار الفتنة وضرب الوحدة الوطنية  الفلسطينية التي كلما حاولنا توثيق عراها يخرج الفئويون الحمقى ليعبثوا فيها.

لا يدرك مزهر وغيره ولن يدركوا منطلقات الرئيس أبو مازن الأخلاقية  الشخصية والوطنية لأن القاصر المراهق العبثي في عالم السياسة لا يمكنه رؤية الأمور كالعاقل الحكيم الحر، وشتان بين من ارتضى أن يكون مجرد دمية تحركة أصابع قوى خارجية، وقوى إقليمية يسارًا ثم يمينًا، وبين من لا يحكمه ويسيره ويوجهه ويوحي إليه إلا ضميره الوطني، ويلتزم بثقافة وعقيدة وآمال وأهداف الشعب الفلسطيني.

ذنبهم وحدهم بعض قادة الجبهة ومنهم صاحب التصريح التضليلي، المتزامن مع كاريكاتير معيب وتعليقات مسيئة بحق الرئيس نشرها أعضاء في الجبهة يحاسبهم عليها القانون أنهم لا يفقهون مبادئ وقوانين سياسة الرئيس أبو مازن الوطنية وحتى الخارجية الدولية، ونقول لهم  (لا يفقهون) لعلهم يفهمون مقصدنا خاصة وأنهم باتوا و(الجماعات المستخدمة للدين)  تحت عباءة واحدة وهم الذين أشبعوها في أدبياتهم بسمة الرجعية والتخلف وهي كذلك فعلاً!.

مشكلة مزهر ومن يمثل في الجبهة الشعبية حالة التضخم التي أصابتهم، وباتوا يضعون أنفسهم في موقع المتحدث باسم الشعب الفلسطيني كله، ويقيمون ويطلقون أحكامًا باطلة لا سند حق لها أبدًا، تتملكهم أزمات نفسية شخصية وحزبية فئوية تجعلهم يعكسون أعراض أمراضهم السياسية على رأس الهرم السياسي للشعب الفلسطيني ظنًا منهم أنهم بهذه الأفعال يشغلون الجماهير عن عيوبهم  وفشلهم المتنقل، وما اتهامهم للرئيس "بالابتزاز السياسي والقرصنة" إلا برهان على حقيقة ثابتة بأن المجنون يعتبر العقلاء مجانين!.