بعد أربعة شهور على بدء الحرب الباهظة جدًا في الأرواح وفي الخسائر الاقتصادية لم يتقدم العالم بِدرجةٍ مقبولة في وسائل الدفاع التي يستخدمها العالم بقواه الكبرى والصغرى على حد سواء في محاربة (كوفيد 19)، إلا في المظاهر والإجراءات التي ثبت أن الفقراء يقدرون على أدائها أكثر من الأغنياء، شعوب الدول الكبرى الغنية جدًا مثل أميركا وأوروبا ومن على شاكلتهم، وهي إجراءات العزل المنزلي والتباعد الاجتماعي.

ولكن حتى هذه الإجراءات السهلة تحتاج إلى ثقة الشعوب بقيادتها وفي هذا المجال فإن فلسطين المصابة بالفيروس الأخطر وهو فايروس الاحتلال الاسرائيلي المتخفف والفاقد لابسط المعايير الاخلاقية، الاحتلال الذي يواصل القتل اليومي والاعتقال بِنوع شاذ من أنواع الاعتقال وهو الاعتقال الإداري لمن لا يستطيع حتى مجرد تلفيق أي تهمة مكتملة الأركان ضدهم، والاستشراء في الاستيطان بناء على خرافات ثبت أنها باطلة، بل لقد بلغ الأمر إلى حد أن هذا الاحتلال الشاذ يحارب أي إنجاز تقدمه الحكومة الفلسطينية لحماية شعبها، ربما من باب الغيرة والحقد ليس إلا، بدعوى أن كل ما يقوم به أي مسؤول أو ناشط فلسطيني لِحماية مجتمعه المقدسي هو نشاط غير قانوني، وهذا ما فضح به الاحتلال نفسه حين اعتقل وزير القدس أو محافظ القدس أو نشطاء فتح الآخرين، والسؤال المثير للحقد والكراهية عند حكومة تصريف الأعمال الاسرائيلية هو، كيف اسرائيل على وشك أن تتجاوز العشرة آلاف بينما الفلسطينين المخترقين بالمستعمرات غير الشرعية وبالأعمال العدوانية الاخرى، وبالاقتحامات التي يقوم بها الحاخامات، ومياه الصرف الصحي التي تخترق مزارعنا الفلسطينية هي أكثر نظافة الف مرة من بؤرهم الاستيطانية، والسبب أن الشعب الفلسطيني في مجموعة ورغم تعدد فصائله يستمع باهتمام كبير وبانضباط اكبر لنصائح قيادته بينما الاسرائيليون يمارسون عكس ذلك؟؟

نعود إلى النظام الدولي الذي قبل ظهور كوفيد 19، كان محشودًا بِعناصر التناقض التي سببت الحرب التجارية، وسببت أن كل طرف دولي قوي تاجر عبر من يتبعونه بِالارهاب الذين يشكون منه ظاهريًا بينما يستخدمونه في الخفاء للقيام بِحروب بديلة ضد كثير من الشعوب.

والوضع الأن بعد شهور على تفشي الوباء الذي أصبح عالميًا، أنه حتى الآداة التي يستخدمها العالم وهي الحجر والعزل والتباعد الاجتماعي أصبحت تنتج نقيضها، فبدون عمل، وبدون تخفيف الحجز، فالعالم مهدد بأنه لن يجد ما يأكله، والاقتصاد عرضة لانتكاسات خطيرة، والفقر يلوح في الأفق بِشكل مخيف، وهذا بدوره يقود إلى ما هو أخطر من كوفيد 19، فعندما لا يجد مئات الملايين وظائف لهم، فسوف يكون رد فعلهم أخطر من كوفيد 19، وهذا هو العنوان المطروح اليوم، فإن دونالد ترمب رئيس أكبر دولة في العالم يوجه اتهامه ليستر فشله إلى منظمة الصحة العالمية على خلفية اتهامها بالانحياز إلى الصين، واذا لم يتحرك الشعب الاميركي فسوف تشاهد صورًا أكثر خطورة لفشل النظام الدولي: نرجو أن يكون الشعب الاميركي عند حسن الظن، ولا يتركون الذئب يواصل الفتك بالقطعان.