التوأمان هما اللذان ولدا من بطن واحد، أو من بيئة واحدة، تجمع بينهما الجينات الواحدة، صحيح أن ترامب مخلوق بشري، وكورونا هو مخلوق فايروس، ولكنَّ المنبت، والبيئة، والخصائص لا تختلف، فهما حليفان، وكلاهما يكرهان الانسان، ويستهدفانه، يستهدفان صحته، وحياته، ومجتمعه، ويسعيان إلى تدمير المجتمع البشري، وافقاده القدرة على الاستمرار كمجتمع حيوي قادر على البناء، والنهوض، والتطوير. هذان الحليفان الحميمان إلتقيا في زمن واحد ليفرضا بجبروتهما القائم على الحقد والعنصرية واقعاً مدمِّراً لا يرحم صغيراً ولا كبيراً.
(علماً ان الفيروس هو مخلوق يعمل بإرادة الله لغاية أرادها ربُّ العالمين).
ونحن هنا سنركِّز حديثنا عن الواقع الفلسطيني، وما آلت إليه الأوضاع خاصة في الاراضي الفلسطينية، نتيجة هذا التحالف الأسود والحاقد بين ترامب وصديقته الحميمة كورونا.
منذ ولد ترامب كرئيس أميركي جديد، فاجأ العالم بأسره بحجم وعمق العداء والكراهية للشعب الفلسطيني. وحتى في طريقة تعامله وتعاطيه كان يتصرف مع الاطراف الدولية بنوع من الصلف، والتجاهل، واشعال الحروب، ومحاربة عملية السلام أينما وجدت. وكان حليفه الوحيد والأوحد في هذا العالم الجديد الذي يريد تكوينه، وتفصيله حسب مقاييسه العنصرية هو نتنياهو أولاً وأخيراً، لأن المشروع الصهيوني الدولي يحتاج إلى ركائز عنصرية حاقدة لتغيير وجه العالم. ولذلك لم يكن غريباً ولا مستغرباً أن يكون الهدف الأول على لائحة التصفيات الكيانية والوجودية، هي قضية الشعب الفلسطيني التي بدأت تبرز مع بداية القرن التاسع عشر. والضربة الأولى التي وجهها ترامب إلى الامة الاسلامية، والعربية، وخاصة الشعبَ الفلسطيني كان قرار زعيم الصهيونية في العالم ترامب، وهو أن يقدم ترامب القدس العربية الاسلامية الفلسطينية هدية إلى الكيان الصهيوني وحليفه نتنياهو، لتكون عاصمة لدولة الكيان الصهيوني. وفي الوقت نفسه يقرر نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، ومطالبة دول العالم أن تُسرِّع بنقل سفاراتها إلى القدس أيضاً مقابل مكافآت اقتصادية، ومالية، وأمنية. وقد رسَّخ هذا الموضوع بإجراء سياسي لا يقل خطورة. وهو إقفال القنصلية الاميركية في القدس، ونقلها إلى السفارة لتصبح السفارة هي المرجعية الوحيدة، وبالتالي قطع كافة العلاقات الاميركية الفلسطينية التي كانت قائمة منذ العام 1840 تقريباً، أي لم تعد هناك أي صلة وصل مع القيادة الفلسطينية، ومن أي نوع. وهذه الاجراءات لم يتجرأ عليها أي رئيس أميركي سابقاً إطلاقاً. وهذا يعني أن ترامب يأتي ليحسم القضايا العالقة، وإزالة العقبات من أمام صديقه الحميم نتياهو الطامح إلى ولاية خامسة ليكون من عظماء هذا الكيان الصهيوني.
لقد جاءت الاجراءات العقابية المتتالية للشعب الفلسطيني، ومحاصرة القضية الفلسطينية، وتركيع القيادة الفلسطينية كي تسلّم بالواقع:
وكان من أهم هذه الاجراءات التي لم يأخذها قبله أي رئيس أميركي، وأصبحت جزءاً من الواقع الدولي والسياسي .
أ- وقف كافة المساعدات عن الانروا، واعطاء تعليمات صارمة إلى كافة الدول بوقف المساعدات للأنروا، من أجل تصفية قضية اللاجئين التاريخية والعادلة، والتي جاءت إثر النكبة وارتكاب المجازر في الاراضي الفلسطينية، وعلى إثرها قررت الامم المتحدة القرار 194، وهو حق عودة اللاجئين إلى أراضيهم وممتلكاتهم.
إلاَّ أن نتنياهو حريص أن يدمِّر ويصفِّى هذا الحق بالعودة لحوالي سبعة ملايين فلسطيني مشردين في العالم من أجل أن يعيش الصهانية، والمستوطنون، والمعتدون على أرضنا سعداء، وان لا يظلوا تحت هاجس قرار عودة اللاجئين الذي سيقلب المعادلة.
ب- لقد سارع ترامب إلى أخذ قرار بوقف كافة المساعدات التي كانت تقدمها الولايات المتحدة للسلطة الوطنية والمقدرة بعد توقيع أتفاق أوسلو، وذلك بهدف التجويع، وحمل القيادة على الاستسلام والموافقه على صفقة القرن الصهيونية.
ج- إعطاء الضوء الأخضر العنصري، والهمجي، والعدواني لجيش الاحتلال، وأيضاً للمستوطنين المسلحين لممارسة كل أشكال الاعتداءات، والقمع، والاجرام، والاعدامات الميدانية، وهدم البيوت، واستباحة الأماكن المقدسة، وتقطيع أوصال المدن ، والبلدات، والقرى.
د- إنَّ ما تقوم به حكومة نتنياهو المهزوزة، والفاقدة لتوازنها بشأن التعاطي مع المعتقلين، والأسرى في الاراضي الفلسطينية من قمعٍ، وتعذيب، ومن التعاطي الهمجي والاجرامي مع المرضى المزمنين، والذين هم في أوضاع خطيرة جداً، وحياتهم مهددة بالموت، وبعضهم أصبح في وضعٍ ميؤوس منه، ورغم ذلك لا يوجد العلاج المناسب، ولا يوجد أي نوع من الانسانية للسماح للأسير برؤية أهله قبل موته، ومنهم من يتم منعه من رؤية أهله حتى من خلال زيارة.
هـ- والأخطر في الموضوع أنَّ فايروس كورونا الذي يدقُّ يومياً أبواب العالم، وكافة دول العالم تأخذ التدابير المطلوبة لحماية سكانها، وتبحث عن ضمان حياتهم، وتقديم العلاج لهم، وكلهم أخذ قرارات للتعاطي مع السجناء هناك، سواء بإلافراج عنهم، أو بتقديم كل ما من شأنه أن يؤمِّن لهم حياةً آدمية فيها ضمانات صحية كبشر.
والمؤسف حقاً أنَّ هذا الامر مفقودٌ تماماً في المعتقلات الصهيوينة، والتعاطي من قبل الجنود الحاقدين، وضباط المخابرات الموساد مع أسرانا الأبطال، ليس له علاقة بالبشرية، وهناك فلتان، وبُعد عن أية ضوابط، واصرار على خنق الأسرى سواء النساء، أو الأطفال، أو المسنين، أو المرضى، ووضعهم في بيئة موبوءة صحياً، حيث يكونون معرَّضين للاصابة بالأمراض، وحتى الحصول على المنظفات، والادوية وغيرها التي تسهِّل العناية بالصحة، والحفاظ على الحياة.
فالأسرى اليوم في المعتقلات والزنازين الصهيونية يعانون الأمرَّين من مختلف النواحي فزيارات الصليب الاحمر، والمؤسسات الدولية ممنوعة، لأنه غير مسموح معرفة ما يجري داخل هذه المعتقلات النازية، وليس هناك أية جهود دولية تبذل لإرغام الجانب الصهيوني على الالتزام بالقرارات الدولية الانسانية المعروفة.
من حقنا ونحن تحت أخطر وأطول إحتلال صهيوني أميركي أن نطالب العالم بتحمُّل مسؤولياته تجاه المخاطر التي تهدد شعبنا الفلسطيني في الداخل، وأسرانا المعرضين ليس لفايروس كورونا فقط، وانما للعقلية الشيطانية المغروسة في هذا الكيان الصهيوني التي تسعى بايحاء من صفقة القرن ومخترعها ترامب لتدمير الشعب الفلسطيني، واستهدافه بكل الوسائل.
ونحن نطالب العالم بتحمُّل مسؤولياته، ونذكِّر كل الدول والمؤسسات الانسانية والحقوقية، ونقول لهم:
أين أصبحت القرارات الدولية التي أقرَّها مجلس الأمن، والجمعية العمومية للأمم المتحدة بخصوص القضية الفلسطينية ومصير الشعب الفلسطيني، وحقه في إقامة دولته على أرضه المقدس؟!!
وأين القرارات التي تتعلق بحقوق الانسان، وبالعدالة، وبحق تقرير المصير، وبفرض العقوبات على الأطراف المعتدية؟؟
لقد داسها ترامب بقدميه، وأصبح العالم في حالة ضياع، لقد تم اللقاء الحميم بين ترامب وعشيقته كورونا للبدء في تدمير المجتمع الدولي وإعادة صياغته من جديد، بما يتناسب والمشاريع الجهنمية التي تسعى إليها الأطراف الدولية المتحكمة بالقرار.
ترامب وكورونا توأمان
06-04-2020
مشاهدة: 293
الحاج رفعت شناعة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها