يعيش شعبنا الفلسطيني تحت ضغط مستمر منذ أكثر من مائة عام، جرب خلالها كل اللحظات التي لا يمكن الصمود والبقاء فيها إلا بالتكاتف والتكافل، ولو سألت أي فلسطيني، سيروي لك قصصًا لتجارب فردية وجماعية عن التعاون والتضامن وقت الأزمات. ولعل مفردات الشعب الفلسطيني تختلف عن أي مفردات لِشعوب أخرى لكثرة ما مر به من نكبات ومصائب.
جائحة الكورونا، وبرغم الاختلاف، فإنها أزمة كباقي الأزمات في الإطار العام، فإن لها ذات المتطلبات للصمود ومواجهة هذا الوباء القاتل. وبالإضافة إلى متطلب النظافة، باعتباره وباء، فإن هزيمة الكورونا تنطلب الوحدة والتكاتف والتكافل، وربما أكثر من أي وقت مضى نحن بحاجة للتأكيد على الحديث النبوي "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". فلا تمكن هزيمة هذا الوباء إذا تركنا جزءًا صغيرًا من المجتمع غير قادر على الصمود.
ومن الضرورات في المواجهة، ولأن عواقب الوباء وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية والنفسية أخطر وأعمق مما نعتقد، فإن الحفاظ على الموارد أمر حيوي للصمود وعبور المرحلة الخطرة. والحفاظ هنا هو فردي وجماعي ورسمي، بمعنى أن الفرد كما الدولة عليه أن يدير موارده ضمن خطة تقشفية تضمن البقاء. ومن ضمن إدارة الموارد العودة إلى أنماط من الاقتصاد المنزلي الذي ساد خلال الانتفاضة الأولى وفي كل المراحل الصعبة، ولكي يكون مفيدًا أكثر ممكن أن تساعد الجهات الرسمية، مثل وزارة الزراعة، عبر توزيع البذور والأشتال الزراعية وما هو مناسب زراعته في هذا الفصل.
هناك مساحات من حولنا مهما صغرت تمكن زراعتها والاستفادة منها، ومن لديه حديقة فلديه فرصة أكبر حتى لتربية عدد محدود من الدجاج أو الحمام إلى جانب زراعة الخضراوات. قد تبدو الفكرة غير مجدية كثيرًا، ولكن ماذا يمنع أن نساهم ولو بِشكلٍ بسيط في غذائنا بالإضافة إلى أنها تشكل نوعًا من العلاج النفسي في ظل الحجر والتسلية المفيدة، خصوصًا إذا ساهم بها كل أفراد الأسرة.
ولكن يبقى الشعور بالمسؤولية تجاه الأنا والآخر، عبر التقيد بالتعليمات الرسمية هو العامل الحاسم، وهنا رسالة لأخوتنا العمال الذين يعملون داخل الخط الأخضر. فهم يدركون أن التساهل في التقيد بالتعليمات سيحد من قدرة الحكومة في السيطرة على الوباء، فهم ينشرون الوباء فيما بينهم وفي أسرهم ومجتمعهم المحلي، عندها سنكون جميعًا أمام أزمة كبيرة من الصعب السيطرة عليها وعلى تكلفتها الإنسانية والاقتصادية العالية، ليس هناك وصفة سحرية لمحاربة الكورونا، ولكن هناك كلمة سر ألا وهي عدم الاختلاط والبقاء في البيت. وخارج البيت أن نتكاتف ونتكافل ونتضامن بعضنا مع بعض.
هناك فرصة لأن ننجح أكثر من غيرنا لأننا شعب واعٍ ومدرب على اتخاذ الخطوات الصحية في الأوقات الصعبة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها