القدس، القدس الشرقية التي لا قدس سواها، القدس التي قام منها المسيح عليه السلام إلى السماء، القدس التي أسرى الله بعبده ورسوله إليها وإلى مسجدها الأقصى الذي بارك حوله، هي واحدة من الأسماء الحسنى للقضية الفلسطينية، هي أبرز العناوين التي لا يزال بطلها المسلمون والمسيحيون، والتي خاضت الأمة "العربية" أشرف المعارك من أجلها، ولم يسقط المؤرخ العربي الذي تابعها في أي من شهادة الزور، فقد قالوا عن حروبها إنها الحروب الصليبية، ولكن المؤرخ العربي قال إنها حروب "الفرنجة"، أي الأجانب، أي الغرباء، واشتهر من فدائييها السيد أحمد البدوي الصوفي المعروف، مع المسيحي الأشهر عيسى العوام، فاشتهر الأول بإحضار الأسرى من جيوش الفرنجة بينما اشتهر الثاني بحمل رسائل وهو يغوص تحت الماء.
هذه القدس، هي الآن بيضة القبان، فقد بدأ بها، دونالد ترامب مرحلة الجنون التي اجتاحته، بإعطائها لإسرائيل، مما يذكرنا بفضيحة وعد بلفور المشؤوم، واستنادا إلى هذا الوعد التدميري الغبي والمجرم والمدان الذي أودى بصاحبه إلى معاناة العزل والسقوط والسجن قريبا، هي بيضة الميزان في نضالنا المستمر، وفي محاولاتنا استنهاض الشرعية الدولية، وفي رغبتنا المقدسة في الخلاص نهائيا من الانقسام البغيض الأسود، على قاعدة رافعة وطنية اسمها الانتخابات، أي تكريس الديمقراطية في حياتنا الفلسطينية.
إسرائيل– حتى الآن– ترفض إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في القدس، ونحن بشكل شرعي راسخ وبشكل جماعي حازم قلنا لا انتخابات بدون القدس، والانتخابات يجب أن تتم من قبل المقدسيين في قلب القدس، وليس في ضواحيها، هكذا قال رأس شرعيتنا الوطنية، رئيسنا أبو مازن، ونحن نتحرك الآن على كافة الأصعدة لتكون الانتخابات في قلب القدس، وليس في أي مكان أو تحت اسم مستعار آخر، وفي هذه اللحظات الحاسمة، تقول حماس بلاش القدس، انتخابات بدون القدس، ونقول لها من أعطاك الصلاحية يا حماس لتقولي ذلك؟؟؟
حماس كما يعلم الفلسطينيون جميعا، مارست كل أنواع المماطلة والهرب من الانتخابات، وقالت عن الانتخابات أكثر ألف مرة مما قال مالك في الخمر، ثم فجأة إذ بها مستعجلة على الانتخابات، مستعجلة كثيرا، ما هي الحكاية؟؟ وحين ردت على الشرعية الفلسطينية بأنها موافقة على إجراء الانتخابات بعد طول رفض وتحريض، فإن ردودها جاءت ملغومة بالتفسيرات والاشتراطات والإضافات والمتناقضات، ما هي الحكاية؟ بل إنها في تصريحاتها الأخيرة ساندت الموقف الإسرائيلي الأميركي، حين قالت "بلاش انتخابات في القدس"!!!.
ولكن اللا الفلسطينية الحاسمة التي أودت بنتنياهو إلى الفشل تلو الفشل، والذهاب إلى انتخابات ثالثة في سنة واحدة، هذه اللا الفلسطينية التي تلاحقه حتى النهاية، وذهبت بحليفه ترامب إلى العزل، ومرشحة لأن تذهب به إلى السجن، هي نفسها اللا الحاسمة التي تواجهها حماس الآن لا انتخابات بدون القدس في قلب القدس حتى لو كره الخائنون.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها