إنَّ من يعيش على هامش الحياة يمر منها مسرعًا لا يكاد يتذكره أحد ولو عمّر عقودًا كثيره، فيندثر اسمه مع رحيله من هذه الدار.
وقلّة هم الذين يتركون بصماتهم في كل محفل يتواجدون فيه، فلهم حضورهم ولهم ذكرهم وذكراهم وعطر سيرتهم، فالعمر لا يقاس بالسنين ولكن يقاس بالعمل الخالد الذي يبقي اسم عامله إلى أجيال وأجيال، وينقش على صخرة التاريخ ويكتب بماء الذهب فلا يخالجه صدأ ولو بقي مئات القرون.
وأنا أتصفح موقع التواصل الاجتماعي من خلال حسابات الأهل والأصدقاء الشباب المميزين عِلمًا وعملاً وخلقًا، تناقلوا خبر وفاة الزميل الصحفي محمد دواد الذي وافته المنية في غربته في تركيا.
قدّم الفقيد الصحفي الزميل محمد دواد خلال مسيرته الصحفية الكثير من الجهود محليًّا وعربيًّا، ودعم الكثير والكثير من القضايا والحالات الإنسانية، رغم الذي يأتي عن طريقه الانفراج دون أن يعلم أحد.
تحوّلتْ مواقع التواصل الاجتماعي إلى كتابٍ يروي مآثر ومناقب الزميل الصحفي محمد إبراهيم داود الذي وافته المنية في تركيا جرّاء أزمة قلبية حادة، بعد حياة مليئة بالعطاء.
كيف لا وهو صاحب الخلق المميز، والصحفي المهني، الشاب المؤدب، وصاحب الوجه البشوش، وصاحب الطموح العالي، والشغف الكبير.
وشكلت وفاة الزميل محمد داوود (30 عامًا) صدمة وفاجعة كبيرة للوسط الصحفي ولمعارفه ومحبيه، نظرًا لما يتمتّع به من حسن خلق، وصفات اجتماعية مميزة، وابتسامة صادقة، كل ذلك ترك للزميل أثرًا يجعله حيًّا في قلب كل من عرفه.
إنه الزميل الصحفي محمد دواد حكاية الوفاء، التي كتبتها سنوات الألم والحلم والمعاناة لترددها حناجر وقلوب كل الأحرار ، وليبقى الزميل الصحفي نبراسًا حرًّا يبدد الظلمة وينير الدرب لطريق الانتصار لفلسطين.
إنَّه قلم طاهر وصوت حر وقلب عاشق، إنَّه الزميل الصحفي محمد دواد الذي أحبّ فلسطين فأحبته، ففلسطين دومًا تحب الأوفياء لها وتحب من أحبها، فلك كل الحب والسلام والوفاء من فلسطين وشعبها وقدسها وأرضها من بحرها إلى نهرها.
الإنسان يذكر بأفعاله وأعماله، وتدوم صنائع الخير وتقي صاحبها من السوء، فإنّنا نحن كمسلمين نؤمن بأن الموت حق، فيرحل الخيرون والأحبة وتبقى ذكراهم في قلوب الناس ويسبقها الترحم والدعاء لهم.
هكذا يعيش رجالُ الكلمة وهكذا يتوفاهم الله، وهكذا يتركون من تعلموا الكتابة الصحفية على أيديهم يسعون لأن يرفعوا من شأنها كما فعلوا، وأن يحافِظوا على قيمة الكلمة المكتوبة، أمانة في أعناقهم، ورسالةً تَحمِل الحبّ والخير والأمن والأمل لهذا الوطن كما كانت لديهم وكما ينبغي أن تكون باستمرار من بعدهم.
وأخيرًا وليس بيننا آخر، نتقدّم بخالص التعازي لعائلة الفقيد الصحفي الزميل محمد داود، سائلين العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة، ويلهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها