تقرير: يامن نوباني

منذ اثني عشر عامًا، يمارس مجيب الأسمر الريماوي "أبو الناجي" حرفة تجهيز عصي قطف الزيتون، والتي تحمل أسماء كثيرة في بلادنا، أشهرها "العبيه"، "الجدادة" والتي أخذ منها الاسم الشعبي للموسم "جداد الزيتون"، كما يطلق عليها مسميات أخرى: الطوّاله، والشاروط.

رغم إجرائه لعملية جراحية قبل عدة أسابيع إلا أن أبو الناجي (47 عاماً) وقبل شفائه تماما، توجه إلى الجبال المحيطة ببلدته "بيت ريما" لإكمال إعداد المزيد من العبيات، واصفا خطوته: "أجد عملي ممتعا ولا أستطيع الانقطاع عنه في موسمه".

يشير أبو الناجي إلى أنه وبرغم الاستفادة من التطور التكنولوجي في قطف الزيتون وإدخال آلات ميكانيكية على الموسم إلا أن الناس لا تستغني عن العبيه. فالآلة بحسب وصفه تصلح للشجر الصغير والمتوسط، أما الشجر الكبير والمعمر فهو بحاجة للعبيه.

أبو الناجي الذي يعمل أيضًا في مطاحن القمح الذهبي في رام الله، قال: "أنتج في كل موسم ما بين 300 إلى 600 عبيه، أبدأ بتقطيعها من منتصف تموز وحتى بدايات تشرين أول، طول العصا من 70سم وحتى 4 متر".

وتابع، أولى خطوات صنع العبيه، هو اختيار عصا لائقة وقوية، وبعد نشرها عن الشجرة، يتم وضعها فوق النار بما يشبه عملية التحميص، حيث أقوم بتقليبها والتأكد أن النيران لامست معظم أجزائها، وذلك من أجل تصحيح اعوجاجها، حيث تعمل النار على تليينها.

ويبين الريماوي: أنظر للشجرة فأعرف إن كانت أغصانها تصلح لأن تكون عبيه أو لا، أفضل الأصناف خشب البلوط، يليه السويد والزيتون، ثم البطم والقيقب والرمان..

"يجب العمل على تصويب العصا وتقشيرها مباشرة بعد حرقها قليلاً، الإبطاء في ذلك يؤدي إلى تيبسها، بالتالي صعوبة استقامتها" يوضح الريماوي.

وعن مخاطر المهنة، يضيف: اقتنيت حمارًا مخصصًا للتجوال بي في الجبال والوديان، أمضي ما بين ست إلى سبع ساعات في النهار، في بعض الأحيان أقطع مسافة عشرة كيلومتر، المهنة متعبة والطرق وعرة جدًا ومليئة بالأشواك وكثيرا ما تصادفني خنازير برية.

تعلم الريماوي المهنة من المرحوم عبد الكريم الريماوي، الذي إمتهنها قبل عشرات السنوات، يقول: في صغري كنت ألاحق الحاج عبد الكريم وهو يقطع العصي، وأتبعه خلال مراحل إعدادها وتحويلها إلى عبيات، أعجبني عمله فورثته عنه.

لا يقتصر بيع الريماوي على بيت ريما فقط، بل يمتد إلى القرى المحيطة حتى أصبح معروفًا بإتقان العبيات، ويأتيه الزبائن من غالبية قرى محافظة سلفيت وشمال وغرب رام الله.

"القاط" الزيتون كناية عن جمع الحبّ باليد، أو "جداد" الزيتون، حين استخدام العصيّ في إسقاط الحبّ عن الشجرة الأم. والأهازيج مليئة بوصف غني عن ذلك:

ديّتي يا ديّة اللـقاطة.. يا غارقة بالزيت والرقاقة

زيتونتي بجدّك بالجدادة.. وبـدرســـك بالـبـدادة

تتعدد طرق قطف ثمار الزيتون؛ فهناك طريقة القطف اليدوي التي تعد أفضلها؛ وطريقة القطف بالعصي، التي تعد أسوأها، وطريقة القطف الميكانيكي باستعمال عدة أنواع من الهزازات والأمشاط الآلية واليدوية؛ ثم طريقة القطف الهرموني باستعمال المواد المنتجة لغاز الإثيلين.

يعتبر قطاف الزيتون بالعبيه، عادة غير مستحبة، لما تنطوي عليه من آثار سلبية على الشجر والثمار من حيث تكسير الأغصان غالبا وسقوط الأوراق أو تشويه حب الزيتون، ومن إيجابياتها: الوصول لكافة أغصان الشجرة وأكثر فعالية في تنظيف حب الشجرة من الآلة الميكانيكية.