استقالة مبعوث ترامب للسلام في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات تؤكِّد أنَّ هناك أزمة بطاقم التآمر الترامبي لتصفية القضية الفلسطينية. لم يكن لغرينبلات أية خبرة في السياسة الخارجية، لكنَّه عُيِّن بهذا المنصب لأنّه محامي الصفقات العقارية لشركة ترامب، ولأنّه صهيوني متطرف فولاؤه للمشروع الصهيوني، مشروع الاستعمار العالمي الذي تقوده في هذه المرحلة الولايات المتحدة الأميركية؟ باختصار كان غرينبلات شديد الولاء، ولكنّه عديم الخبرة السياسية وقد يكون هذا السبب الرئيس لاستقالته.
علينا أن ننتظر حتى نرى مَن هو الشخص الذي سيخلف غرينبلات في هذا المنصب لنحكم إذا ما كانت هذه الاستقالة تعني فشل صفقة القرن. هناك تسريبات إسرائيلية بأنَّ الخليفة هو آفي بيركوفيتش (30 عامًا)، وهو المستشار المقرب لصهر الرئيس جاريد كوشنير. على أية حال الاستقالة قد لا تعني سوى تسوية لمشكلات شخصية بين الطاقم. إن تغير الأشخاص لا يعني وحده الفشل، فالفشل الحقيقي جاء من صلابة الموقف الفلسطيني موقف من يملك القرار الوطني الفلسطيني، وهذا الموقف متجسّد بموقف الرئيس محمود عبّاس، وهو دون شك ما يربك إدارة ترامب وقد يكون من بين الأسباب الرئيسة لاستقالة غرينبلات الذي فشل أساسًا في إحداث أي اختراق في موقف القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، ومن هنا جاء التأجيل المتكرّر لإعلان الصفقة.
إنَّ هزيمة صفقة القرن تتحقَّق إذا هزم نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية بعد أسبوع من الآن، فربما كان من بين الأسباب التي أدّت إلى استقالة غرينبلات هي توقعات داخل الإدارة بأنَّ نتنياهو قد لا يستطيع تشكيل الحكومة الإسرائيلية بعد الانتخابات، فإذا خسر ترامب صديقه الموثوق وشريكه في صفقة القرن، فإنّه سيكون بحاجة لتغير بعض الأشخاص والسياسات.
وبغض النظر عن استقالة غرينبلات، ومدى رمزيّتها في فشل صفقة القرن، فإن العامل الحاسم هو الموقف الفلسطيني، فأيُّ مخطط لن يأخذ شرعيته إذا رفضه الفلسطينيون وإذا قاومه الشعب الفلسطيني وهو موحد. فالقانون الدولي والشرعية الدولية، اللذين لم يكن غرينبلات يقيم لهما وزنًا هما أقوى منه ومن إدارة ترامب فالعالم لا يقاد عبر منطق الصفقات العقارية وإنَّما يقاد بالحد الأدنى من احترام هذا القانون وهذه الشرعية، وهو ما تفتقر إليه إدارة ترامب وصفقتها التصفوية، صفقة القرن.