يامن نوباني في مشهد لم تألفه المدينة والحالة الثقافية، ببضعة رفوف تزينها كتب متنوعة، غالبيتها تهتم باليافعين والأطفال، افتتحت قبل عدة أيام "المكتبة الحرة" في أحد شوارع حي العامرية في نابلس، لتكون الأولى من نوعها في فلسطين.
المكتبة، وليدة مبادرة "كتابي هويتي" الهادفة لتطوير المدينة ثقافيا، وبث روح الكتب والقراءة في شوارعها وأحيائها، سعياً إلى خلق حالة تُعيد الحراك الثقافي إلى مدينة لطالما عُرفت بالعلماء والمثقفين، أمثال فدوى وابراهيم طوقان، وعادل وأكرم زعيتر، وسحر خليفة، ولطفي زغلول وعلي الخليلي.. وغيرهم ممن ولدوا فيها.
محمد صوالحة أحد القائمين على المبادرة، قال لـ"وفا": إن المبادرة ولدت بالتعاون بين عدة مؤسسات حكومية وغير حكومية، منها مكتبة بلدية نابلس ووزارة التربية والتعليم، وأنها جاءت من حاجة القائمين عليها ومعرفتهم التامة بالنقص الحاصل في الاهتمام بالقراءة والهجران المتزايد للكتب، وهي حالة حاضرة في الوقاع الثقافي والحياتي للشعب الفلسطيني بشكل عام.
وأشار صوالحة إلى أن اهتمامهم ينصب في المرحلة الحالية حول فئة الأطفال والفئة الشابة خاصة أن الحياة الرقمية والألعاب الإلكترونية تخطف عقولهم وتؤثر كثيرا في مسار حياتهم.
ولفت، إلى أن المبادرة تسعى أيضا إلى تعميق الثقافة والقراءة للأدب الفلسطيني بشكل خاص، والاهتمام بالأدب العبري، من أجل منح العقول نظرة إلى الآخر الذي يهدد وجودنا. فالقراءة تحدي للعالم. وما نملكه اليوم هو الاستثمار في هذا الجيل، وانقاذه بالكتاب، فالجيل الصاعد حلقتنا الأخيرة، ولا نرغب بأن يتم احتلال العقول وحشوها بأشياء زائدة أو غير مهمة، ونحن هنا ندق ناقوس الخطر وندعو لشحذ الهمم في سبيل التمسك بالكتاب والسير به نحو التقدم في كافة مناحي الحياة ووجه الاحتلال.
وبين: دعوتنا للكتاب والقراءة ليست دعوة للانكفاء عن التكنولوجيا، إنما دعوة للتوازن، ودعوة للتمسك بأصل القراءة وهي الكتاب الورقي. كان تحدينا هو اشاعة فكرة الكتاب والعودة إليه، خاصة أن الناس تخاف من أي مبادرة جديدة، لكننا قدمناها بشكل مختلف، فذهبنا إلى الأطفال والناس في أماكن تجمعاتهم السكنية، فكانت اللبنة الأولى في حي العامرية، ويوم الافتتاح منحنا الأطفال الأمل، ونحن نشاهدهم يضعون كتابا ويأخذون كتابا.
وأضاف: التجربة في بدايتها ناجحة، هدفنا أن ننشر الفكرة في الحدائق العامة في وسط البلد والمخيمات بطرق مختلفة وجاذبة، وفي المراحل المتقدمة سنصل إلى القرى البعيدة التي لا توجد فيها مكتبات والاطفال فيها لا يعرفون قصص الاطفال، وفي الاغوار والمناطق البدوية والتجمعات السكنية المستهدفة من قبل الاحتلال.
ودعا صوالحة المؤسسات والأفراد بتزويد المكتبة الحرة بالكتب، من أجل استمرار الفكرة ونجاحها وانتقالها لأمكنة أخرى، كما دعا أصحاب المكتبات الشخصية بضرورة دعمها من الكتب التي لا يحتاجونها، فآخرون يبحثون عن كتب قيمة وقديمة مكدسة في البيوت.
وأضاف: سنجمع الاطفال وندربهم كيف يكون الطفل أمين المكتبة ونطمح إلى تقديم محفزات للقراءة، ونشر قصص يكتبها الأطفال. وفي الفترة القريبة سنجتمع مع مدير التربية والتعليم من أجل تفعيل المكتبات المدرسية، وتخصيص حصص لها بمقدار ساعة واحدة أسبوعيا، حيث تزيد نسبة القراءة من اهتمام التلاميذ بدراسة الكتب المدرسية وتقديس الكتاب ما ينعكس إيجابيا على مشوارهم التعليمي، خاصة بعد أن شاهدنا في السنوات الأخيرة عدة مظاهر سلبية من تمزيق الكتب والقائها في الشوارع بعد نهاية الامتحانات.
وتابع: سنذهب أيضا للبنوك والشركات الخاصة كشركات الاتصالات من أجل دعم الفكرة، والاتفاق معها على وضع اسم كاتب أو شاعر أو مقولة لأديب على ورق الانتظار في البنوك والشركات التي تستخدمها، وسنعمل على نقل الفكرة لمحطات انتظار الحافلات، من أجل إحداث تغير نوعي في رؤيتنا للحياة وعلاقتنا بالآخر والأشياء.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها