2019 في عام 1969 طرحت "فتح" فكرة الدولة الديمقراطية كحل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كحل ينهي حالة الإنكار المتبادَل. وفسّرت "فتح" اقتراحها، الذي تبنَّته منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1971 رسميًّا، أنّ هذه الدولة الديمقراطية هي التي يعيش فيها الجميع مسلمين ومسيحيين ويهود على قدم المساواة، أي دولة كل مواطنيها يسودها العدل والمساواة.
قبل أيام تشكّل ائتلاف انتخابي في (إسرائيل) أطلق عليه أصحابه اسم "إسرائيل الديمقراطية" وهو ائتلاف بين حزب ميرتس اليساري والحزب الذي أسسه حديثًا رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، حزب (إسرائيل) الديمقراطية.
هذا الائتلاف الانتخابي اليساري قال المؤتلفون فيه إنّه سيعيد لإسرائيل روحها الديمقراطية، التي سلبها إياها اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو. وأوضح الائتلاف أنّه يريد (إسرائيل) بدون عنصرية بدون احتلال لشعب آخر، وأكثر من ذلك (إسرائيل) بدون قانون يهودية الدولة العنصري الإقصائي والناكر لوجود الآخر.
من حيثُ المبدأ هذا كلام مهم وجميل، وإن تحوَّل إلى فعل نضالي، فإنّه يقترب من فكرة الدولة الديمقراطية لـ"فتح"، دولة كل مواطنيها التي لا تحصر حق تقرير المصير في البلاد لليهود فقط كما ينص قانون القومية. هذا الطرح يعطي شيئًا من التفتُّح، فـ(إسرائيل) بدون عنصرية وبدون احتلال تكون غير صهيونية، وبالتالي تفتح الأبواب مشروعة أمام كل الحلول، سواء حل الدولتين أو حل الدولة الواحدة الديمقراطية، دولة تسودها المساواة التامّة.
ولكن، ولكي لا نفرّط في التفاؤل فإنّ المسافة الزمنية بين (إسرائيل) الصهيونية العنصرية، الدولة التي تحتل شعبًا آخر وبين (إسرائيل) المساواة وبدون احتلال لا تزال طويلة جدًّا، خصوصًا في ظلّ وجود إدارة أميركية هي صهيونية أكثر من غالبية الصهاينة في (إسرائيل) والعالم، إلّا أنّه مجرّد أن يكون هناك طرح بهذه الجرأة داخل (إسرائيل) هو شيء مهم.
وبغض النظر فإنَّ المقياس لمدى تأثير هذا الاتجاه الديمقراطي، والمتعايش والقابل للآخر، يعتمد أساسًا على عدد المقاعد التي سيحصل عليها هذا الائتلاف في الانتخابات القادمة في أيلول/ سبتمبر القادم. فالرهان لتغير المعادلة بشكل إيجابي للسلام والديمقراطية يعتمد على عدد مقاعد القائمة العربية المشتركة، وبالتالي مدى مشاركة فلسطينيي الداخل وذهابهم لصناديق الاقتراع، وعلى مدى المقاعد التي قد يحصل عليها ائتلاف "إسرائيل الديمقراطية".
وبعيدًا عن كل التفاصيل فإنّ المشاركة الكثيفة لفلسطينيي الداخل في الانتخابات هي أمر مطلوب وضروري أكثر من أي وقت مضى، فعلى الفلسطينيين داخل الخط الأخضر أن يدركوا أنَّ صوتهم هو أمر حاسم في الانتخابات القادمة، فالهدف أن يكون لـ(إسرائيل) حكومة أقل تطرُّفًا وأكثر اعتدالاً. وعلى الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وعليهم أن يثبتوا أنّهم رقم في المعادلة الإسرائيلية.