نتيجة الانتخابات الإسرائيلية قد تكون محسومة سلفًا، أو أنّ العالم على ما يبدو حسمها قبل أن تبدأ. فكلُّ ما حدث قبل الانتخابات أظهر أنّ ترامب ليس هو المعني الوحيد ببقاء نتنياهو قويًّا في الحكم في (إسرائيل)، بل هناك أطراف دولية وحتى أطراف إقليمية، و"حماس" معنية هي الأخرى بنتنياهو.

السبب وراء ذلك هو أنّ هؤلاء يريدون قيادة في (إسرائيل) قادرة على المضي قدمًا فيما يسمّى بصفقة القرن وتمريرها بكل عناصرها الإقليمية. فالصفقة وإن تمَّ تسويقها بأنّها تهدف إلى إيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلّا أن واضعيها يدركون أنّها لن تمرَّر إلّا في اطار إقليمي، وضمن حلول إقليمية أخرى، وبموافقة مجموعة مؤثّرة من الأقطاب الدولية والإقليمية، وبما أنّ الفكرة كذلك فإنّه ليس هناك أفضل من نتنياهو لتمريرها، خصوصًا أنّه شارك بوضعها، وقد مرّر حتى الآن فصولاً مهمة منها، والفصول المتبقية هو المؤهل أكثر من غيره في (إسرائيل) لإنهائها.

وعندما نأخذ ما تسرّب من عناصر صفقة القرن نعرف إلى أي اتّجاه المنطقة ذاهبة، ونعرف لماذا نتنياهو المهم للمرحلة القادمة. فعناصر الصفقة على الصعيد الحمساوي "دولية فلسطينية" في قطاع غزة، مضافة إليها المناطق ذات الكثافة السكانية بالضفة وظيفيًّا، دولة بدون القدس والأغوار ومعظم مناطق "ج" في الضفة ومع بقاء معظم المستوطنات، ولكي تكون الدويلة قابلة للحياة والاستمرار، فإنَّ (إسرائيل) ومعها ترامب سيسعيان إلى توسيع قطاع غزة باتجاه مناطق من سيناء، شمالاً وشرقًا.

وإقليميًّا الهدف هو دمج (إسرائيل) في المنطقة، وهنا نشير إلى أنّ نتنياهو يحاول تحقيق تقدم في هذا المجال والتطبيع مع بعض الدول العربية.

من جانب "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة، فهي تعتقد واهمة أنّها من الرابحين في صفقة القرن، لذلك ترى أنَّ من مصلحتها عودة نتنياهو، وترجمة ذلك بأنّها التزمت بشروط التهدئة عشية الانتخابات. وهي، أي "حماس"، وعبر حلفائها الإقليميين، تنخرط شيئًا فشيئًا بصفقة القرن تحت وهم أنّها هي مَن سيحكم الدولة المسخ.

لقد تلقّى نتنياهو كل الهدايا الانتخابية التي يحتاجها للفوز، تلقّى من ترامب بما يتعلّق بالجولان، وتلقى رفات الجندي الإسرائيلي الذي قُتِلَ خلال حرب لبنان عام 1982.

"صفقة القرن" من الممكن أن تؤجَّل أو تتعثّر إذا ما فاز أي طرف غير نتنياهو، فأيُّ ائتلاف حكومي غير يميني متطرّف في (إسرائيل) لن يكون باستطاعته التعامل مع الصفقة الإقليمية تمامًا كما تريد إدارة ترامب ، وأي رئيس حكومة غير نتنياهو لن يستطيع هو الآخر تمرير الصفقة داخليًّا وخارجيًّا أو انه على الأقل سيحتاج إلى وقت أطول للانخراط بها.