تقرير: بدوية السامري
من الآن فصاعدا لن يكون هناك قنصلية أميركية في القدس، واعتبارا من اليوم تغلق أبوابها الى الأبد.
مع بدء سريان قرار وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، دمج القنصلية العامة في القدس مع السفارة، والذي أعلن عنه في شهر تشرين أول من العام المنصرم، تكون الولايات المتحدة الأميركية، قد نسفت 175 عاما من العلاقات الدبلوماسية.
وكانت القنصلية الأميركية قد افتتحت لأول مرة عام 1844 كبعثة دبلوماسية مستقلة لواشنطن في المدينة القديمة من القدس، داخل بوابة يافا، فيما يعرف الآن بمركز الدراسات المسيحية السويدية.
في أواخر القرن التاسع عشر، انتقلت القنصلية إلى موقع آخر في شارع الأنبياء، الى أن انتقلت عام 1912 إلى شارع "غيرشون أغرون" في القدس الغربية، في بناء مستقل، وهو واحد من أول المنازل التي بنيت خارج أسوار المدينة القديمة.
وكانت القنصلية الأميركية العامة قبل أسابيع قد أعلنت عن بيعها لأثاث حكومي مستعمل, وأجهزة كهربائية وأدوات عمل مستعملة بالمزاد العلني.
كما أعلن بومبيو أن الولايات المتحدة ستستمر في إجراء تقاريرها وتواصلها وبرنامجها في الأراضي الفلسطينية من خلال وحدة جديدة للشؤون الفلسطينية داخل السفارة الأميركية في القدس، وستعمل هذه الوحدة من موقع طريق "أجرون" في القدس.
وقال رئيس الإدارة العامة للأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة وحقوق الإنسان في وزارة الخارجية عمر عوض الله، إن قرار اغلاق القنصلية الأميركية في القدس، شكل من أشكال العداء الأميركي المباشر لحقوق الشعب الفلسطيني، ومحاولة فرض أمر واقع لا يقبله القانون الدولي.
وأضاف أن الولايات المتحدة أقدمت على انتهاكات الحقوق الدولية عندما نقلت سفارتها في اسرائيل الى القدس متجاهلة قراري مجلس الأمن 478، 476 اللذيْن تحدثا بشكل واضح عن منع نقل السفارات الى القدس باعتبارها أرضا محتلة.
وأشار إلى أن الادارة الأميركية تسهم في ترسيخ رؤية الاستعمار من خلال وضع لبنات الاستعمار.
وعن العلاقات الأميركية الفلسطينية، يقول عوض الله: "نحن من قطع العلاقات والاتصالات السياسية مع الولايات المتحدة الأميركية، التي تدعم بشكل مباشر الآراء والتوجهات والجرائم الاسرائيلية، كما أنها تساهم في ترسيخ رؤية الاستعمار من خلال وضع لبناته".
ومنذ ستينيات القرن الماضي، عملت القنصلية الأميركية كبعثة دبلوماسية مستقلة عن سفارة واشنطن في تل أبيب، إلا أنها في الرابع من هذا الشهر، تحولت إلى وحدة الشؤون الفلسطينية في السفارة الأميركية، التي افتتحت في القدس المحتلة في أيار 2018.
وقالت نائب رئيس الجامعة العربية الأميركية للعلاقات الدولية دلال عريقات، إن قرار تنفيذ دمج القنصلية بالسفارة واستبدال القنصلية بدائرة لمتابعة شؤون الفلسطينيين لا يمكن تفسيره إلا بأن الإدارة الأميركية تنظر للشعب الفلسطيني كأقلية وليس كشعب يتمتع بحق تقرير المصير ولهذا قيام دائرة مختصة بتسيير شؤون الفلسطينيين تكفي من وجهة النظر الأميركية، التي لا ترى حق الشعب الفلسطيني بالدولة والاستقلال والتحرر.
دبلوماسياً وعملياً، رأت عريقات هذا الإجراء بأنه يعني اعتبار القدس الشرقية المحتلة جزءا من القدس الموحدة، ونكران الحق الفلسطيني التاريخي بالقدس.
وقالت إن كانت صفقة القرن التي طال الحديث عن خروج تفاصيلها قادمة، فمن المؤكد أن إدارة ترمب لن تشارك أي شيء يتعلق بالسلام قبل الانتخابات الإسرائيلية، تماشياً مع برامج اليمين المتطرف البعيدة عّن خطط السلام والتعايش مع الفلسطينيين".
وأضافت أن الحقائق التي أوجدتها إدارة ترمب على الأرض من قرارات بخصوص القدس واللاجئين ووكالة الغوث 'الأونروا' والسفارة ومكتب واشنطن والاستيطان وقطع المساعدات، ما هي إلا خطط دمرت مشروع الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس ومحاولات مستمرة لابتزاز الشعب الفلسطيني بالمال.
واعتبر أستاذ القانون الدولي حنا عيسى، أن دمج واشنطن القنصلية الأميركية بسفارتها في القدس، يتناقض كلياً مع قواعد القانون الدولي ومع قرارات الشرعية الدولية وبالأخص قرار مجلس الأمن رقم 478 لسنة 1980، الذي "طالب الدول بعدم الاعتراف بالقانون الأساسي للكنيست الإسرائيلي سنة 1980، وسحب بعثاتها الدبلوماسية من هناك".
وأضاف: أن دمج القنصلية مع السفارة انتهاك لقراري مجلس الأمن 242 و338 اللذين يعترفان بان الأراضي الفلسطينية المحتلة هي الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة، مشيرا إلى أن الهدف وراء عملية الدمج هو ضم الضفة الغربية للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وإقامة إسرائيل الكبرى، وشطب قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
وكان الرئيس الاميركي الأسبق جون تايلر عين أول قنصل للولايات المتحدة في مدينة القدس عام 1844، ومنذ ذلك الحين توالى تعيين القناصل العامين حتى كارين ساساهارا التي تسلمت مهامها في آب المنصرم .
يذكر أن السفارة مسؤولة عن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، في حين كانت القنصلية العامة في القدس تباشر مسؤولية العلاقات الفلسطينية-الاميركية
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها