اعتاد اليمنيون السكن في المرتفعات الجبلية منذ مئات السنين إلى درجة أن بعض القرى اليمنية سمّيت "بالمعلّقة"، بمعنى أنه يتمّ بناء بيوت في أعلى قمم الجبال، وتكون بعضها فوق السحاب، وفي الوقت ذاته فإن الصعود إلى هذه المنازل أو النزول منها إلى السهول والأماكن المستوية يحتاج إلى وقت قد يزيد عن الساعة في بعض المناطق أو ينقص، وغالباً ما يستخدم الأهالي الحمير لجلب الزاد والمتاع.
وتتنوّع اليمن بتضاريسها وسهولها وصحرائها، فسكان المرتفعات الجبلية هم الأكثر، ثم سكان السهول الساحلية، في حين يقلّ عدد السكان في المناطق الصحراوية.
أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، علي العثربي، قال في كتابه "المبادئ العامة للجغرافيا السياسية" إن 78% من سكان اليمن يعيشون في المرتفعات الجبلية، وخاصة في محافظتي إب وتعز جنوب غربي اليمن، وهي مناطق تمتاز باعتدال المناخ وخصوبة التربة ووفرة الأمطار.
لكن التساؤل الأبرز هنا: لماذا يفضّل اليمنيون السكن في الجبال على الرغم من وجود الكثير من المصاعب التي تكتنف عيشهم ولا سيما في التنقّل سواء سيراً على الأقدام أو عبر السيارات؟
وبين الكاتب والإعلامي منصور البكالي وهو من أبناء محافظة ريمة التي يشتهر سكانها بالعيش في قمم الجبال العالية أن اليمنيين وجدوا في هذه الجبال الملجأ لحمايتهم من الأخطار الطبيعية والأطماع البشرية، ولذا فقد نمت علاقة الإنسان اليمني بالجبل منذ قرون طويلة، حتى أصبحا لا يفترقان أبداً، فكل واحد منهما يحدّد مصير الثاني.
ومن أبرز المناطق التي تشتهر بسكن أهاليها في قمم الجبال قرية "عزلة بني عمارة" ضمن مديرية الخبت التابعة لمحافظة المحويت غربي صنعاء، حيث تمتلك هذه القرية المعلقة موروثاً تاريخياً وأثرياً فريداً، وفيها مسجد الصافح الذي يعود تاريخ بنائه إلى أكثر من 500 سنة مضت، فضلاً عن العديد من الحصون والقلاع الحربية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها