في ظلِّ الانقسام والتناحر الفلسطيني المؤذي للقضية الفلسطينية، وفي ظلِّ التراشق والتناحر الإعلامي بين أكبر التنظيميات السياسية على الساحة الفلسطينية، وأقصدُ "فتح" و"حماس"، وفي ظلِّ انفصال غزّة وارتهان القرار فيها مقابل المال، وفي ظلِّ الحصار السياسي للضفّة بهدف الضغط على القيادة للتنازل عن الثوابت ومع محاولات تهويد القدس ومحاولات عزل القدس بالكامل عن الحالة الفلسطينية جاء القرار الرئاسي بإجراء انتخابات تشريعية.
طبعًا الانقسام يزيد من صعوبة إجراء الانتخابات، ولدى الجميع العديد من الأسئلة حول إمكانية عقد انتخابات تشريعية في هذه الظروف، فكيف ستكون الانتخابات في غزّة في ظلِّ حكم "حماس" التي لا تعترف بأي شرعية فلسطينية؟ وهل يمكن للانتخابات بشكل عام أن تكون ديمقراطية في هذا الجو السياسي المشحون داخليًّا بفعل الانقسام؟
وممَّا يزيد من صعوبة وتعقيد إجراء الانتخابات الفلسطينية هو الحالة التي تعيشها منظمة التحرير الفلسطينية حيثُ أنَّ هناك تراجعًا في مشاركة الفصائل السياسية المعارضة منها بشكل خاص، وهذا قد يؤثِّر على مشاركة هذه الفصائل بالانتخابات التشريعية، وأعلمُ عِلم اليقين مدى تراجع شعبية هذه الفصائل شعبيًّا، وأهمّها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ولكن يجب التأكيد على أنَّ مشاركة الفصائل في الانتخابات التشريعية سيكون لصالح شعبنا من حيث أنَّ تعزيز المشاركة في الانتخابات وتنوعها ولاحقًا وجود معارضة في المجلس التشريعي سيكون له أثر مهم في تفعيل هذا المجلس وتعزيز دوره في تمثيل أبناء شعبنا .
وحتى لا نُثقل على القارئ الكريم أقول إنَّ الانقسام وتراجع مشاركة الفصائل في منظمة التحرير الفلسطينية، ورفض هذه المنظمات للمشاركة في الحكومة الفلسطينية المزمَع تشكيلها هي تحديات كبيرة تواجهها عملية الانتخابات، وتصويت الشعب لاختيار ممثّليه بالانتخاب بعيدًا عن التعيين، وفرض السيطرة بالقوّة، وحيث أنَّ الانتخابات حقٌّ مقدّس للمواطن الفلسطيني لاختيار ممثِّليه وللتعبير عن رأيه السياسي، وحيثُ أنَّ صوت المواطن الفلسطيني الحُر هو أساس أهمية الانتخابات وضرورتها لبناء النظام السياسي الفلسطيني وصولًا إلى استكمال مؤسسات الدولة تمهيدًا لقيام الدولة الفلسطينية، إلّا أنَّ هناك تحديًّا آخر يواجه الانتخابات بالإضافة إلى كلِّ ما سبق وهو تحدٍّ خطير وطبعًا وبدون مقدمات أتحدَّث عن القدس .
فالقدس هي التحدي الأكبر الذي يجب أن يجمع القيادة مع المعارضة وحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" مع "حماس" وباقي الفصائل الوطنية.
وحيثُ أنَّ القدس هي أبرز الثوابت الوطنية، فمشاركة أهل القدس بالانتخابات هي الشرط الحقيقي الذي يجب أن يتمترس الجميع خلفه، وهذا هو مقياس الوطنية الخالصة الآن، فالقدس أكبر من الفصائل والمنظمات وأكبر من الانتخابات نفسها .
بالمختصر..
أنا مع الانتخابات الحُرّة الديمقراطية بغض النظر عن الفائز، ولكن لا انتخابات بدون القدس، كما هو لا دولة فلسطينيّة بدون القدس عاصمة لها.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها