كان الهدف من زيارة وفد الاعلام الرسمي لدمشق برئاسة الوزير احمد عساف هو افتتاح مقر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وتوقيع اتفاقية تعاون مع وزارة الاعلام السورية. وصلنا السبت مساء والتوقيع على الاتفاقية كان الاحد مساء في مقر الوزارة. اللقاء مع وزير الاعلام السوري كان اخويا وحميميا شعرنا خلاله بعودة الروح للعلاقات اللفلسطينية السورية، والغريب في الأمر هو هذا الشعور المشترك الذي كان كعصا سحرية ازاحت من الصدور دفعة واحدة كل الغمة، وذكريات التعثر في العلاقات الثنائية.
وفي يوم الافتتاح، افتتاح مقر تلفزيون فلسطين الوطني الرسمي، وهو مقر مجهز بكل التقنيات والأدوات والاستوديوهات التي يمكن أن تعمل كقناة تلفزيون قائمة بحد ذاتها، والمقر عمليا هو مكاتب لكل فروع الاعلام الرسمي الفلسطيني. كل التحضيرات التي نوقشت بأدق التفاصيل ليكون افتتاحا لائقا بفلسطين وبالشعب السوري الشقيق يمكن القول ان معظمها تهاوى بسبب الحشد الكبير الذي حضر، مندوبين رسميين، مثقفين ومنتجين وممثلين سوريبن واعضاء من مجلس الشعب، وفلسطينيا حشد كبير من قادة الفصائل وقيادات فتح والاقليم حتى امتلأ المكان الى آخر فسحة منه. أما اجواء الاحتفال فكانت حميمية شعرنا وشعر الأشقاء السوريون ان شيئا من روح دمشق المفقودة قد عاد اليها مع فلسطين، الى درجة ان احد السياسيين السوريين علق قائلا في تصريح لتلفزيون فلسطين؛ ان افتتاح مقر تلفزيون فلسطين في دمشق اهم من افتتاح سفارات دول كبرى.
وفد الاعلام الرسمي كان يدرك ان مهمته ووجوده في دمشق ليست مجرد إعلامية انه وجود سياسي بامتياز، وان ما جرى من دفء وحرارة ونتائج ايجابية لم يأت صدفة فهو ثمرة للموقف المبدئي والحكيم للرئيس محمود عباس، الذي ادرك منذ اللحظة الاولى ان ثورات ما سمي بالربيع العربي هي مؤامرة على الأمة العربية وأكد عدم رغبة الشعب الفلسطيني بالتدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية، وعدم الانخراط بالأزمات التي تعصف بالعالم العربي. وأن إعلانه النأي بالنفس كان بالمعنى الايجابي وهو مقرون بضرورة الحفاظ على الدولة السورية، وحدتها وسيادتها ففي ذلك بالتأكيد مصلحة استراتيجية للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية. بالتوازي مع ذلك كانت عين القيادة الفلسطينية على حوالي نصف مليون لاجئ فلسطيني يعيشون في المخيمات في سوريا، وخصوصا مخيم اليرموك، محاولة تجنيبهم ويلات الحرب المدمرة في سوريا، ولكن تورط حماس في الحرب قاد في نهاية المطاف الى اقحام مخيم اليرموك في الحرب ما ادى الى تدميره تدميرا كاملا وتشريد سكانه وتشتتهم داخل سوريا وخارجها.
ان الزيارة ستبقي أعيننا على سوريا والشعب السوري الشقيق ولن نغمض عيوننا حتى نرى سوريا وقد انتهت ازمتها، وأعيد بناء ما دمر وان يعود اليها المهجرون من ابنائها، وان تعود هي للعرب عربية ويعود العرب إليها.
فسوريا لن تكون الا القلب العربي النابض، وعندها ستشعر فلسطين والشعب الفلسطيني ان الامة العربية بخير ما يمنحنا الامل بالحرية والاستقلال.