في خضم معركة الانتخابات الجاري الاستعداد لها لجأت قوى اليمين واليمين المتطرف الصهيوني الحاكمة لاستباحة الدم الفلسطيني، واستعماله ورقة رابحة في استقطاب أصوات الناخبين الإسرائيليين. ففتحت قبل يومين معركة ضد أسرى الحرية، لفرض قيود إضافية عليهم، وممارسة انتهاكات عنصرية أكثر وحشية ضد الأبطال من أطفال ونساء وشيوخ وشباب في تلك الباستيلات، وقامت قوات خاصة تحت مسميات مختلفة (شمشون، والمتسادا .. إلخ) باقتحام أقسام سجن عوفر في ساعات الفجر، واعتدت على الأسرى دون سابق إنذار في معركة غير متوازنة مع فرسان الحرية، وأوقعت بينهم حوالي 150 إصابة، نقل العشرات منهم للمستشفيات، ثم أعيدوا ثانية قبل إتمام علاجهم للأقسام.
وبدأت العملية الإرهابية الإسرائيلية بالتركيز على سجون نفحة وجلبوع بالإضافة لعوفر. وعلى إثر ذلك أعلن أسرى الحرية الامتناع عن الأعمال اليومية في السجون، وأعادوا الطعام لإدارة سلطات السجون الصهيونية. ومازالت المعركة في بداياتها، لا سيما وان قادة الائتلاف الحكومي يراهنون على حصد أصوات أعلى، كلما تضاعفت جرائمهم ضد المعتقلين الفلسطينيين، لأن إرهابهم الوحشي يستجلب رائحة الدم والجريمة المنظمة، ويفتح شهية العنصريين الصهاينة لمزيد من التغول ضد ابناء الشعب الفلسطيني داخل ساحة السجون وفي السجون العامة الأكبر، اي في المحافظات والمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية.
ولكن ووفق التجربة التاريخية على مدار ما يزيد على النصف قرن من الاستعمار الإسرائيلي لأراضي دولة فلسطين لم تفلح قوى الاستعمار في كسر شوكة ابطال الحرية، لا بل في كل مرة من المواجهات، كان الأسرى البواسل يخرجون منتصرين، ويرغمون قادة دولة البغي والإرهاب المنظم على الاستسلام لمطالبهم، ويفرضون أجندتهم وأهدافهم. وهذه المرة لن تكون معركة سهلة، ولن يحقق منها أردان، ولا نتنياهو ولا كل اللصوص القتلة ومصاصي الدماء الصهاينة من اضرابهم ايا من النتائج، التي يحلمون بها. لأن ابطال الأسر لهم بالمرصاد، ولأن التجربة الكفاحية صقلتهم، وزادتهم خبرة وحكمة في إدارة المعارك مع سلطات السجون، ومن يقف خلفها من المستويين السياسي والعسكري. ووفق المعطيات الراشحة من داخل السجون، فإن قيادات وممثلي الفصائل الفلسطينية تداعت لاجتماع عاجل داخل السجون لتدارس مواجهة التحدي المفروض عليهم، ولقطع الطريق على قادة الائتلاف اليميني المتطرف الحاكم. وبالضرورة سيخلصون للنتائج والقرارات الكفيلة برد كيد المستعمرين إلى نحورهم.
في السياق، فإن معركة الأسرى ليست معزولة عن معركة الشعب بكل تجمعاته في الوطن والشتات، الأمر الذي يفرض على الكل الفلسطيني تحمل مسؤولياته للدفاع عن اسرى الحرية من خلال وضع برنامج كفاحي يومي في كل محافظات الوطن الفلسطيني وفي داخل الداخل والشتات، لترتقي الجهود الوطنية مع كفاح ابطال الحرية في باستيلات إسرائيل المارقة والخارجة على القانون، وتشكل إضافة نوعية لمعركتهم الشجاعة.
وبالإضافة للمعركة الشعبية، هناك المعارك القانونية والسياسية والدبلوماسية على المستويات العربية والإسلامية والأممية، حيث يفترض ان تطرح قضية الأسرى على كل الصعد والمستويات، لا سيما وأنها قضية حاضرة بفعل الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة ضدهم، ويجري نقل تداعياتها من داخل السجون الاستعمارية مباشرة، وهي بالضرورة مطروحة على طاولة الأمين العام للأمم المتحدة، غوتيريش ليتحمل والمنظمة الدولية مسؤوليته في تأمين الحماية الدولية لأبناء الشعب الفلسطيني داخل السجون الصغيرة والكبيرة.
معركة الأسرى الأبطال لن تكون مزادا سهلا للصهاينة المجرمين، ولن تمر سياساتهم وانتهاكاتهم العنصرية مرور الكرام، وسيكون الثمن غاليا وغاليا جدا، والأسرى كفيلون في الساعات والأيام القادمة بتلقين سلطات السجون درسا جديدا في النضال، لن يكون أقل جدارة من الدروس الكفاحية الماضية
الأسرى ليسوا مزادًا سهلًا
26-01-2019
مشاهدة: 333
عمر حلمي الغول
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها