في أول ظهور له على شريط الأخبار، كرئيس للمكتب السياسي لحركة حماس في غزة قبل عام تقريبًا، زاود السنوار على جماعته بأسرها في الدفاع عن ضرورة المصالحة الوطنية، بل إنَّه هدَّد من يقف في طريق هذه المصالحة بقطع رقبته..!! وظن البعض العاطفي الانفعالي حينها أنَّ رقبة الزهار هي أول الرقاب التي ستطيح بها سكين السنوار..!! ثمَّ توارى السنوار بعد ذلك، ودخل في حالة صمت، ظن البعض أيضًا إنَّها مرحلة شحذ السكين، وحين طالت قليلاً هذه الحالة، قيل إنَّ السنوار يعاني مرضًا ألزمه الصمت (...!!) غير أنَّ ثمَّة أخبارًا كانت تتسرب عن مفاوضات بدأت بين حماس وإسرائيل، بشأن تحقيق اتفاق "تهدئة طويلة الأمد" كُشف عن بعض مجرياتها فيما بعد، السفير القطري في غزة، وحين تقدَّمت هذه المفاوضات في دروب التفاصيل وجاء صالح العاروري إلى غزة وبالتنسيق الأمني لا سواه لوضع اللمسات الإخوانية على الاتفاق، كان صمت السنوار مطبقًا ولم تكن هناك كلمة واحدة له على شريط الأخبار..!!! غير أنَّ الرياح لم تجر كما اشتهى السفان الحمساوي، لأنَّ المصالحة الوطنية أولاً، التي تنهي الانقسام البغيض تمامًا، والتهدئة فيما بعد، بشروطها الوطنية، وكان هذا هو خلاصة موقف الشرعية الوطنية والدستورية، الذي لم يستطع أحد تجاوزه، ما جعل إعلان الاتفاق الإسرائيلي الحمساوي حتَّى الآن غير ممكن، لكن ولأنَّ الاتفاق على ما يبدو قد أنجز بنسخته البعيدة عن الموقف المصري (..!!) تبحث حماس في اللحظة الراهنة عن سبل تمرير الإعلان، من خلال الطعن بموقف الشرعية بشأن المصالحة الوطنية وبعبارات وأكاذيب وشعارات التطرف ذاته، وهنا عاد السنوار للظهور على شريط الأخبار، ليعلن أنَّ الورقة الفتحاوية التي قدَّمت للأشقاء المصريين التي أكَّدت الموقف الوطني مجددًا بشأن المصالحة، وسبل تحقيقها العملية والواقعية، بأنَّها شكَّلت "ردًا سيئًا" على ما وصفه السنوار "بالورقة المصرية" الخاصة بملف المصالحة علمًا إنَّه لا يوجد هناك ورقة مصرية في هذا الإطار، بل هناك موقف مصري بضرورة عودة الشرعية إلى غزة لأجل تحقيق المصالحة، وهذا ما أعلن السنوار رفضه له تمامًا، بل إنَّه نسف تمامًا حتَّى اتفاق 2011 وكل التفاهمات التي جرت بعد ذلك بشأن المصالحة الوطنية التي وقَّعت عليها حركته، وهو يعلن أنَّ حماس "لن تسلّم غزّة من الباب إلى المحراب (..!!) إلَّا لمجلس وطني توحيدي تنبثق عنه لجنة تنفيذية تدير القطاع وفق أسس وطنية"..!! وبما يؤكِّد أنَّ السنوار صاحب التهديد الكبير بقطع الرقاب، هو أول من يقف ضد المصالحة الوطنية، وما من سكين لديه، سوى سكين تقطيع الاتفاقات والتفاهمات الخاصة بالمصالحة، وحتَّى تقطيع الجهود المصرية التي لا تعرف التراجع ولا اليأس في هذا السياق..!! وفي أحدث ظهور للسنوار على شريط الأخبار قبل يومين أفاض بالمزيد من أكاذيب حماس بشأن المصالحة وحتَّى "التهدئة" زاعمًا أنَّ "تفجير" موكب توفيق أبو نعيم كان يهدف لتفجير المصالحة (..!!) ولم يأتِ السنوار على محاولة اغتيال رئيس الحكومة رامي الحمد الله، ومدير المخابرات العامة اللواء ماجد فرج بكلمة واحدة وكأنَّها لم تكن هناك مطلقًا...!! علمًا أنَّ هذه المحاولة هي التي كان هدفها نسف المصالحة من أساسها، بينما "عملية" أبو نعيم لم تكن سوى عبوة رسالة، لتسوية حسابات حمساوية داخلية!.
أمَّا بصدد "التهدئة" فإنَّ السنوار في الوقت الذي يقول فيه أنَّه لا يوجد اتفاق بشأنها حتَّى الآن، يؤكِّد أنَّ هناك، وحسب تعبيره، أحاديث بشأن الممر المائي بين قطاع غزة وقبرص، وبالقطع فإنَّ "أحاديث" السنوار ليست أحاديث سمر ومجاملات، بل مفاوضات وصلت إلى تفاصيل التفاصيل.
ويزعم السنوار في ظهوره الإخباري هذا، أنَّه يستطيع أن يقلب الطاولة على رؤوس الاحتلال بدقيقة واحدة(..!!) ولا ندري لم لا يفعل ذلك؟ ولماذا مفاوضات "التهدئة" إذًا..؟؟ سنعتبر أن السنوار أراد تمليح ظهوره الإخباري بهذا القول الثورجي، الذي لم ير أحد منه شيئًا خلال الحروب العدوانية الثلاث، التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة وأثخنته بالجراح التي لا تزال تنزف حتَّى اللحظة.
يبقى أن نقول إنَّ ظهور السنوار في شريط الأخبار هذه المرة لم يخل من ظرف النرجسية الخبيثة وطرافتها وهو يعلن أنَّه يريد أن يرى منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً لكلّ الشَّعب الفلسطيني!! وهكذا العالم عربًا أشقاء، وأجانب أصدقاء وحلفاء، الذين يعترفون بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعيًّا ووحيدًا للشَّعب الفلسطيني، في كفة، والسنوار في كفة أخرى، وقد أصابه الهوس الاخواني، فلم يعد يرى غير ما تريده جماعة الإخوان المسلمين، بذراعها المليشياوي حماس، من نهاية لمنظمة التحرير كي تستولي على تمثيل لا تستطيعه أبدًا فحسب، وإنَّما كذلك لا تستحقه بالمطلق، وهي التي لم تسع يومًا لكي تحظى بأي استحقاق في هذا الإطار أخيرًا من الضرورة التوضيح، أنَّ الاعيب "الشطار" هي الاعيب العتمة والشر التي مهما تسربلت بثياب الورع والنزاهة، فإنَّها تظلّ الاعيب مكشوفة الأهداف والنوايا، ولن تصح أبدًا في ساحات العمل الوطني التي لا تقبل المزايدات ولا المراوغات ولا خطابات الكذب والادعاء أبدًا.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها