مع بداية الأسبوع المنصرم أنطلق العام الدراسي الجديد 2018 / 2019م في معظم الدول العربية ومنها فلسطين، التعليم في فلسطين بدأ مبكراً منذ القرن التاسع عشر شهدت فلسطين بداية التعليم العصري والحديث، وكانت رائدة بين الأقاليم العربية الشقيقة، حيث انطلق عدد من المدارس الخاصة والحكومية في حواضر فلسطين من القدس ونابلس وحيفا ويافا وغزة وعكا والخليل واللد والرملة وغيرها حتَّى بعض البلدات الصغيرة شهدت افتتاح بعض المدارس، ورغم ظروف العدوان والاغتصاب التي تعرضت إليها فلسطين الأرض والشَّعب وما جرى له من تهجير واقتلاع وتطهير عرقي لأكثر من 450 مدينة وبلدة وقرية في العام 1948م على يد الاستعمار الصهيوني وعصاباته الإرهابية، إلَّا أنَّ الشَّعب الفلسطيني أدرك أنَّ العلم والتعليم يمثّل السِّلاح الأمضى في معركة الوجود واثبات الذات والحفاظ على الحقوق والعمل على استردادها وانتزاعها، فحقق الفلسطينيون أعلى الدرجات العلمية سواء في الوطن أو في الشتات وفي مختلف التخصصات الإنسانية والطبيعية والتطبيقية، وأسهموا في نهضة التعليم في الكثير من الدول العربية الشقيقة.

لذا يمثّل ضرب التعليم والعملية التربوية لدى الفلسطينيين من قبل الكيان الصهيوني هدفاً إستراتيجياً له لإدراكه أنَّ التعليم سلاح فعَّال في الصراع الدائر بهدف الاستيلاء الكامل على أرض فلسطين وطمس الحقوق الوطنية للشَّعب الفلسطيني في وطنه، ولذا يأخذ التعليم إهتماماً خاصاً في فلسطين لدى الشَّعب الفلسطيني وقيادته، فقد انتشرت المدارس الأهلية إلى جانب المدارس الحكومية، كما تمكَّن الفلسطينيون من بناء وافتتاح أكثر من خمسة عشر جامعة في الضفة الفلسطينية وفي قطاع غزة والقدس، لتلبية احتياجات الشَّعب الفلسطيني والحيلولة دون خروج الطاقات الشابة إلى الخارج والحفاظ عليها داخل الوطن.

وفي بداية هذا العام الدراسي انتظم نحو مليون وثلاثمائة ألف طالب وطالبة في المدارس الفلسطينية في الضفة وغزة والقدس وأكثر من مائة وخمسين ألف طالب وطالبة في الجامعات والمعاهد العليا.

وبخلاف كلّ الدول هناك مدارس في فلسطين تحمل صفة مختلفة عن المدارس الأخرى، فلا هي حكومية ولا خاصة ولا تابعة لوكالة وتشغيل اللاجئين (أونروا)، إنَّما هي مدارس مهدَّدة بالهدم من قبل سلطات الاحتلال والاستعمار الصهيوني حيث يسعى الاحتلال للسيطرة على المناطق التي توجد فيها هذه المدارس وطرد أهلها بالكامل.!

لقد توجَّه الطلاب الفلسطينيين إلى مدارسهم الحكومية والأهلية والأونروا معلنين انطلاق العام الدراسي الذي أطلقوا عليه تسمية (عام التعليم في القدس).

وقد أطلق على المدارس المهددة بالهدم تسمية (مدارس التحدي) .. حيث أصرَّ طلابها وأساتذتها مدعومين من قبل الجميع باستمرار متابعة الدراسة فيها وتحدي الإجراءات الغاشمة للاحتلال.

يبلغ عدد المدارس في فلسطين 3030 مدرسة، منها 2212 حكومية، بواقع 1811 في الضفة و401 في قطاع غزة، كما يبلغ عدد المدارس الخاصة والأهلية 451 مدرسة منها 389 في الضفة والباقي في قطاع غزة، كما يبلغ عدد مدارس الوكالة (أونروا) 377 مدرسة، هذا بالإضافة إلى مدرستين في تركيا، وأخرى في ماليزيا، فيما بلغ عدد مدارس رياض الأطفال 1945 روضة، منها 204 روضة أو صف تمهيدي حكومي، هذا غير المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والعاملة في المخيمات الفلسطينية في كلّ من المملكة الأردنية وسوريا ولبنان.

ويجدر الإشارة إلى التهديدات التي تقودها الولايات المتحدة وكيان الاغتصاب الصهيوني لوقف خدمات وكالة الأونروا بما فيها الصحة والتعليم لإحداث كارثة للشَّعب الفلسطيني وضربه في مقتل، حيث يتجلى هنا وفي هذه المواقف العنصرية الاستعمارية مدى الحقد وشراسة الهجمة التي يتعرض إليها الشَّعب الفلسطيني والعملية التعليمية لإضعافها وبالتالي إضعاف الشَّعب الفلسطيني، ولكن الضمائر الحية تدرك مدى سفاهة وتفاهة هذه المواقف العنصرية اللاأخلاقية لن تتخلى عن دعم وكالة الأونروا ودعم الشَّعب الفلسطيني من أجل حقه في التعليم وفي الصحة وفي الحياة وحقه بالحفاظ على كرامته وانتزاع حقوقه.

هكذا نجد أنَّ التعليم في فلسطين ولدى الشَّعب الفلسطيني معركة حقيقية يخوضها ببسالة وثبات، وحقق فيها التميز على مستوى المنطقة بل وعلى المستويات العالمية، فتحية للقائمين على العملية التعليمية والتربوية في فلسطين بكل مستوياتها من الروضة إلى الجامعة، وتحيّة لطلاب فلسطين في الداخل والخارج وهم يحققون أسمى الدرجات العلمية على المستوى المدرسي والجامعي والعالي، وكلّ الشكر لمن يدعم التعليم في فلسطين سواء فردًا أو جماعة أو دول.

نعم هذا العام الدراسي الحالي سيكون بامتياز (عام تعليم القدس) وعام (التحدي والصمود) فكلّ الدعم والتأييد لأهلنا في القدس في الحفاظ على مدارسها العربية والتصدي لفرض المناهج الصهيونية عليها والحفاظ على أبناءنا الطلبة وحفظ حقّهم في التعلم والحفاظ على هويتهم الثقافية العربية ومواجهة سياسات التضييق والتشويه للثقافة الفلسطينية العربية في القدس وفي فلسطين عامة.

وكلّ عام والتعليم في فلسطين يتقدم أكثر، ويحقق الإنجازات والتميز، وينتصر على سياسة التجهيل والتمييز العنصري التي يمارسها الاحتلال، وينتصر لثقافة العصر والتسامح والحرية والمساواة.