في صحيفة "إسرائيل اليوم" الناطقة بلسان اليمين المتطرف الحاكم في إسرائيل، يقدم الأميركي الصهيوني غرينبلات، طلب انتساب للعروبة من بوابة الحرص على القضية الفلسطينية، أن تظل في محيطها العربي، (...!!) بعد أن اتهم في مقال له في هذه الصحيفة، القيادة الفلسطينية بأنها تسعى لفصل القضية عن هذا المحيط ...!!
ولا يريد "بلات" هذا أن يكون عروبيا فحسب وإنما ناطقا بلسان العروبة كذلك، وهو يعلن أن "إسرائيل لم تعد عدوا للعرب بمن فيهم الفلسطينيون (...!!)""وان الشرق الأوسط تغير بشكل كبير"، "والسلام الذي بدا مستحيلاً قبل بضع سنوات هو ممكن الآن وغدًا سيكون ممكنا أكثر" وحديثه طبعًا عن صفقة ترامب الصهيونية، لكن "القيادة الفلسطينية لا تريد التعاون مع الإدارة الأميركية" وإنها ترفض هذه الصفقة التي يصفها بأنها خطة السلام الأميركية، حتى قبل الاطلاع عليها ...!!!
ولعلنا نتحدى هنا أن يقول لنا غرينبلات نفسه، ما هي تفاصيل هذه الخطة، ما هي آلياتها التي تجعلها ممكنة حقًا..؟؟ وهل ثمة بنود فيها غير هذه التي بات العالم بأسره يعرفها ويستنكرها في الوقت ذاته، ونعني بالطبع قرار رئيسه ترامب، اعتبار القدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال، وقرار إدارته شن الحرب على اللاجئين الفلسطينيين لشطب حقهم في العودة، أحد أهم مكونات القضية الفلسطينية، طبقا لقرارات الشرعية الدولية.
هل ثمة شيء آخر في الخطة الأميركية غير هذا الذي بات معلنا على نحو عنصري قبيح، وبما يؤكدها كخطة تصفوية للقضية الفلسطينية، يريدنا "بلات" هذا أن نتعاون مع إدارته للقبول بها والإذعان لها، وغرينبلات هنا تماما وبالضبط كإبليس الذي يحلم بالجنة..!! ولن نتجاهل في هذا الإطار طبعا أن الإدارة الأميركية بعملها الصهيوني، تسعى لاستغلال الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، لتمرير هذه الخطة مفضوحة التفاصيل والأهداف التصفوية، من خلال مفاوضات مع حركة حماس توصف تارة بأنها لأجل التهدئة، وتارة لأجل الهدنة ...!!
لن يكون بوسع العروبة أن تقبل طلب انتساب غرينبلات لها، لا لأن فلسطين روحها وعنوان أصالتها فحسب، بل لأنه يكذب أولًا على لسانها، وانه لا يريد من وراء هذه الكذبة ثانيًا، سوى تحريض محيطها العربي عليها وهو يزعم أن قيادتها تسعى لفصل قضيتها عن هذا المحيط ...!! ولعل المحيط العربي بعواصمه المقررة هو أكثر من يدحض كذبة "بلات" هذه، لمستوى التنسيق والعمل المشترك المتواصل الذي تحققه القيادة الفلسطينية مع قيادات هذه العواصم، للوصول بالقضية الفلسطينية إلى بر الحل العادل، والسلام الممكن، طبقا لقرارات الشرعية الدولية، واستناداً لها بآلياتها الملزمة، وبسقوفها الزمنية المحددة، ومن خلال إطاراتها الجامعة، التي لم تعد الإدارة الأميركية شريكا مقبولا فيها.
يبقى على غرينبلات أن يحاول مرة أخرى، وربما ينظر في طلبه في المرة المقبلة، إذا ما تخلص قليلاً من صهيونيته، وأدرك قليلًا من الصدق والنزاهة ..!!