أكواممن النفايات، ألسنة النيران تندلع منها، سحب الدخان تدخل كل بيت لتشارك ساكنيه صحتهم.حقيقةً تنتظرك في مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين في الجنوب اللبناني.

بدأتالمشكلة بعد إقفال مكب رأس العين مطلع العام الحالي، فتراكمت النفايات في مخيمات صور(البص والبرج الشمالي والرشيدية)، وبدأت الأونروا وهيئات المجتمع المحلي واللجان الشعبيةبالبحث عن بدائل وحلول لإخراج النفايات من المخيمات. وبعد فترة بدأت الحلول تظهر بعدأن تم ربط المخيم بمحيطه، أو البلدية التي يقع ضمنها، هذا ما تم تطبيقه على مخيمي البصوالبرج الشمالي فيما كان للرشيدية حلول أخرى.

وحولهذا الموضوع يشرح مدير الأونروا في منطقة صور فوزي كساب "بالنسبة لمخيم البص تمربطه ببلدية صور بحكم موقعه على مدخل المدينة، ونرمي النفايات في المكان الذي ترميفيه البلدية. وفي مخيم البرج الشمالي تعاونَّا مع بلدية البرج الشمالي، والمجتمع المحليوممثلي اللجان الشعبية والأهلية، وتم الإتفاق مع البلدية على إخراج ما يعادل 8 طن يومياًمن المخيم ورميها في المكب المستحدث لنفايات البلدة في محلة  شارنيه".

 

المعاناة تتجدد في الرشيدية

أمافي مخيم الرشيدية، فقد عادت أكوام النفايات تظهر في الشوارع بعد أن كانت الأونروا تقومبجمع النفايات ودفنها في قطعة أرض على أطراف المخيم. تعددت الأسبابُ التي قدمتها المرجعياتلتوقُّف عملية الطمر. ويعتبر كساب أنه "بعد بدء أزمة النفايات في منطقة صور كناندفن النفايات في قطعة أرض على أطراف المخيم قرب ملعب بيت المقدس، وسهَّلوا الأمر لفترةمحددة، علماً أن الأرض مشاع تابع للبلدية. لكن منذ فترة منعونا من دفن النفايات فيهابحجة أن على الأونروا إيجاد بديل لدفن النفايات. أجرينا اتصالات مع القوى السياسيةداخل المخيم لكن لم نتوصل إلى نتيجة". 

بدوره،يقول أمين سر اللجان الشعبية في صور إحسان الجمل "عندما راجعنا إتحاد بلديات صورقالوا لنا اعتبروا محيط المخيم مشاعاً وادفنوا فيه. لكن بعد فترة واجهتنا احتجاجاتمن قبل الأجهزة الرسمية المعنية واستدعتنا كلجان شعبية للتحقيق معنا تحت تهمة رمي النفاياتعلى شاطئ البحر". فيما يؤكد أمين سر اللجنة الشعبية في الرشيدية  جمال سليمان أن "السبب الرئيس وراء توقف طمرالنفايات على أطراف المخيم هو قرار بعض الجهات السياسية بعدم استمرار عملية الطمر".

 

تجميع النفايات في مكان واحد أهون الشرور

ويستطردسليمان بأن مخيم الرشيدية يُنتج إثني عشر طناً من النفايات يومياً أي أنه خلال عشرةأيام توزع في شوارع وأزقة المخيم 120 طناً من النفايات، فانتشرت الروائح والحشرات.وبعد عدة زيارات قامت بها المرجعيات في المخيم والأونروا والتواصل مع حزب الله وحركةأمل ورئيس اتحاد بلديات صور، ورئيس بلدية صور لطرح المشكلة. كان الجواب أن هذه المشكلةعامة ومعمل عين بعال غير قادر على إستيعاب ناتج نفايات المنطقة، وهو يعمل بقدرة قصوىتصل إلى 30 طناً يومياً كمرحلة تجريبية، ويعاني من مشاكل تقنية. والأهم من هذا كلهأن هناك شروطاً لاستقبال النفايات حيث يجب أن يكون هناك فرز أولي من المصدر، بالإضافةإلى كونها حديثة وخالية من بقايا اللحوم والعظام. فما كان من اللجنة الشعبية إلا أنطلبت من الأونروا "تجميع النفايات عند المدرسة على مدخل المخيم، فتُخرِج منهاما تستطيع ونقوم نحن بحرق الباقي".

 

الحل المؤقت الأنسب بإعادة الطمر على أطراف المخيم

 وفيمحاولة منها لإيجاد حلول للمشكلة إتفقت الأونروا مع "بلدية البرج الشمالي علىأن تستقبل في مكب نفايات البلدة سيارة يومياً أي ما مقداره 8 طن". ويضيف مديرالأونروا في صور فوزي كساب "تمّ الاتفاق مع بعض النافذين في المنطقة وأصبحنا نخرجكل يوم سيارة ثانية من المخيم إلى مكان ما من أجل تنظيف المخيم وهذا لفترة محدودة".

منجهته، يرى أمين سر اللجان الشعبية في صور إحسان الجمل أن "الحلول كانت دائماًترقيعية ليس أكثر، فليس هناك مساحات واسعة ضمن المخيم لطمر النفايات. إضافة إلى احتجاجاتالقوى اللبنانية الرسمية على رمي ودفن النفايات قرب شاطئ البحر".

فيالمقابل، يعتبر سليمان أن الحل الأنسب والمؤقت ازاء المشكلة القائمة هو استمرار دفنالنفايات في المكان الذي كانت تدفن فيه بدل أن تبقى بين البيوت. اقتراح أيّده كسابمؤكدا على انه "من المفترض بالقوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني الضغط علىالقوى اللبنانية وان تتعاون مع الأونروا. لأنه إن لم نتعاون جميعاً قد ندخل في كارثةبيئية. وحرام أن ندخِل المشاكل السياسية بالشأن الحياتي اليومي".

فيالوقت الذي ما تزال فيه النفايات تتراكم قرب المدارس التي أصبحت على الأبواب، والدخانما زال يتصاعد فيما الأونروا تنقل سيارة واحدة بينما ناتج النفايات يتعداها بكثير،تبقى الحلول "ترقيعية" في ظلّ غياب رؤية واحدة وخطة واضحة للحد من تأثيرهذه الأزمة عبر خلق وسائل تخفف من تراكم النفايات.

تحقيق/ طارق حرب