أصاب تحوّل الشارع الإسرائيلي من سيطرة اليمين إلى سيطرة اليسار قادة اليمين بالذهول بسبب الدعم الكبير الذي يحظى به المحتجون على الأزمة الإقتصادية والسكن، وهناك من إتهم اليمين الإستيطاني بالمسؤولية عن وصول الوضع إلى ما هو عليه بسبب تحويل مليارات الدولارات من صندوق الدولة إلى المستوطنين والمستوطنات.

قادة اليمين الإستيطاني، حاولوا إقناع المحتجين في تل أبيب بالإنتقال للسكن في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لأن السكن رخيص والحوافز الحكومية للمستوطنين كثيرة جداً، لكنهم لم يفلحوا في مهمتهم، حتى أن نشطاء الإحتجاج هاجموهم وتم حرق الخيام التي نصبها نشطاء اليمين في جادة روتشيلد، لأنهم غير مرغوب فيهم في موقع الإحتجاج.

رئيس مجلس المستوطنات، داني ديان، يتجوّل في الأيام الأخيرة كثيراً بين الخيام ولسان حاله يقول " الذنب ليس ذنب الإستيطان في أزمة السكن والغلاء، وأن الترويج لهذه الأقوال الهدف منه المسّ بالمستوطنين وإتهامهم بالمسؤولية عن الإقتصادي الصعب في إسرائيل "، لكن محاولاته باءت بالفشل بعد نقاش مع عدد من المحتجين الذين رفضوا أقواله، إذ أكدوا " أن الأموال التي صرفت وتصرف في المستوطنات من شأنها حل أزمة السكن داخل إسرائيل ". أحد المطربين الذين يشاركون في الإحتجاج، قال " أن الحكومة الإسرائيلية أقامت دولة للمستوطنين في المناطق المحتلة ".

أعضاء الكنيست من اليمين الذين يشعرون الآن أن الأرض تهتز تحت أقدامهم وأنهم لن يجدوا أنفسهم على مقاعد الكنيست في الإنتخابات القادمة، يحاولون الآن التقليل من أهمية الإحتجاج على الرغم من تأييد حوالي 90% من الإسرائيليين للمحتجين. أعضاء الكنيست وقادة اليمين، يعون جيداً أنه في حال إستمرار المظاهرات والإحتجاج، وعدم تلبية مطالب المحتجين من قِبَلْ الحكومة التي يسيطر عليها إئتلاف اليمين، فإن المحتجين سينتقلون من التظاهر السلمي إلى التظاهر العنيف، عندها ستفقد الحكومة شرعيتها وستعلن عن تقديم الإنتخابات والتي ستطيح بنتنياهو واليمين وإعادتهم إلى صفوف المعارضة.

قادة اليمين يطالبون نتنياهو بالإستجابة للمطالب، لكن نتنياهو لا يملك الإمكانيات المالية لإيجاد حلول فورية وسريعة للمشاكل الإقتصادية، فهو قد فقد سحره ولا يستطيع إقناع أحد من المحتجين بوقف الإحتجاجات، أو أنه جاد في مساعيه لإيجاد الحلول المرضية. ويتعرّض نتنياهو إلى الضغوط من اليمين من جهة ومن الجهة الأخرى من الشارع الذي يقلق منامه.

قبل أيام قليلة، نشرت على إحدى المواقع الإلكترونية صورة نتنياهو في زيّ ضابط نازي، وكتب عليها (( هذا هو نتني اهو )). نشر الصورة أثارت ردود فعل غاضبة من قِبَلْ أعضاء كنيست من اليمين، والذين سارعوا إلى تقديم شكوى للشرط للتحقيق وللكشف عن من يقف وراء نشرها.

بعد التوقيع على إتفاقيات أوسلو نظم اليمين مظاهرة في القدس ضد الإتفاقيات، وتم رفع صورة رئيس الحكومة آنذاك، إسحاق رابين، وهو بزيّ عسكري نازي. نتنياهو حينها لم يندّد برفع الصورة، ولم يطلب إنزالها، ويعد فترة ليست طويلة تم إغتيال رابين من قِبَلْ ناشط يميني متطرّف يُدعى ييجال عمير.

أسلوب اليسار يختلف كلياً عن أسلوب اليمين، فلا يعقل قيام ناشط يساري بمحاولة إغتيال نتنياهو، لكن مجرد نشر صورته بزيّ عسكري هي مؤشر خطير لنتنياهو، إن لم يكن القضاء عليه جسدياً فإن القضاء عليه سيكون سياسياً ولن يسعفه اليمين الإستيطاني.