منذ إغتيال الشهيد مازن الفقهاء في ال24 من آذار/مارس الماضي وأجهزة الإنقلاب الحمساوية تفرض حصارا مطبقا على عموم قطاع غزة وخاصة البحر. وهو ما يعني حرمان شريحة واسعة من البشر من لقمة عيشهم، ومصدر رزقهم الأساسي. هناك حوالي 5000 عائلة من شمال إلى جنوب محافظات القطاع ألقت بها حركة حماس إلى قارعة طريق البطالة المتفاقمة اساسا فيها، والتي بلغت ارقاما قياسية بالنسبة لدول العالم تجاوزت ال45% حسب المصادر الرسمية، في حين مصادر غير رسمية تشير لبلوغها 72%.
يستطيع المرء تفهم حجم وثقل الضربة الموجعة، التي وجهت لحركة حماس بإغتيال الشهيد الفقها، الذي يحتل موقعا مركزيا في الإشراف على محافظات الشمال. القتلة الإسرائيليون او عملائهم، لم يكتفوا بقتل الشهيد، بل صادروا كل اوراقه من جيوبه وسيارته وجواله ومفتاح سيارته، لإدراكهم أهمية ما يملكه القائد القسامي من معلومات ومعطيات أمنية، ولاذوا بها. لكن مضى على عملية الإغتيال أكثر من عشرة أيام، وبالتالي البحث والعسس على شاطىء البحر لوضع اليد على اي معلومة مفيدة بشأن القتلة وهروبهم او دخولهم من البحر او حتى مراقبة هواتف وجوالات عدد من الصيادين، الذين تشك اجهزة حماس الأمنية بهم، او تفترض أن لهم ضلعا ما في عملية الإغتيال الجبانة، المفترض ان الفترة الزمنية كافية للمراقبة، وبالتالي لرفع الحصار عن البحر ورزق العباد.
لم يعد مقبولا ولا مفهوما مواصلة الحصار وفرضه على الصيادين وحتى على زوار البحر، لإن ذلك يضيف عبئا إضافيا على قطاع آخر من المواطنين. ومحافظات الجنوب، التي لا تزيد مساحتها عن 365 كيلو متر مربع، لا يوجد بها متنفس سوى البحر. الأمر الذي يستدعي من قيادة حركة حماس العمل على الأتي: اولا وقف الإجراءات الأمنية الإستثنائية بشكل كلي وكامل عن قطاع غزة من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، وفتح كل المعابر امام حركة المسافرين والمتنقلين بين جناحي الوطن؛ ثانيا رفع الحصار فورا عن شاطىء البحر، والسماح للمواطنين بارتياده؛ ثالثا السماح للصيادين بالصيد، لتأمين مصدر رزقهم ورزق عائلاتهم.
وهذه الإجراءات لا تعطل عملية المراقبة والبحث الأمني عن الجناة الإسرائيليين او عملائهم. لا بل قد تعطيهم بعض الطمأنينة، وهو ما يساعد في الإمساك بهم. خاصة وان عند اجهزة أمن حماس ما يزيد على 200 معتقل من داخل المنظومة الأمنية الحمساوية بما فيهم مرافق الشهيد مازن، الذي تغيب يوم الإغتيال عن العمل. ومن خلال ما توفر لدى حركة حماس من معطيات خلال الأيام الماضية، تستطيع من خلالها وضع سيناريوهاتها الإفتراضية للمجموعة، التي نفذت، ومكان إنطلاقها وعودتها، وبالتالي حصر وتقليص عدد المشتبهين في جريمة الإغتيال. هذا إن توفرت مهنية عالية عند القائمين على هذا العمل الدقيق والخطير.
بعيدا عن الجانب الأمني ودروبه، على قيادة الإنقلاب الحمساوي، التخفيف من معاناة وفقر وفاقة وحصار الشعب. يكفي حصار إسرائيل ومن لف لفها. إرفعوا ايديكم عن ابناء الشعب الفلسطيني في محافظات الجنوب. وكفى عبثا بالمواطن ومصالحه الخاصة والعامة. وايضا مطلوب من القوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني، والمجموعات المنادية برفع الحصار، التحرك فورا لرفع صوتها ضد الحصار المفروض، وعدم الإستسلام لمنطق حماس، على إعتبار ان الأمر يتعلق باغتيال شخصية هامة، هذا صحيح، ولكن لا يجوز نتيجة إغتيال مازن، ان يتم إغتيال خمسة الآف عائلة او يزيد، والأجهزة الأمنية الذكية تتعامل مع جرائمها بسرعة البرق، ولا تنام على معاناة وقهر العباد. لذا ارفعوا ايديكم عن لقمة عيش الصيادين.