بدعوة من لجنة عكّار في اتّحاد الكتّاب اللبنانيين، أقيمت أمسية شعريّة في منزل مسؤول الشؤون الدينية في المؤتمر الشعبي اللبناني والمناسبة هي تسجيل موقف ضدّ وعد بلفور المشؤوم الذي كان في 2/11/1917، حضرها حشدٌ كبيرٌ من المثقّفين يتقدّمهم: الأب الأديب نايف اسطفان ممثلاً المطران باسيليوس منصور، والشيخ وليد اسماعيل ممثلاً المفتي الشيخ زيد زكريا، والشيخ علي السحمراني، والشيخ مروان نعمان، والشيخ محمد الجندي، وكاهن حلبا الأب فؤاد مخّول، ورئيس فرع الجامعة اللبنانية الدولية في عكّار الدكتور خلدون أيّوب، ووفد من حركة "فتح" يتقدّمه محمد السيّد، وأسامة الزعبي عضو مجلس الأوقاف الإداري في عكّار.

كان في البداية كلمة ترحيبيّة للسحمراني، أكّد فيها على ضرورة مثل هذه الملتقيات التي تبرز فيها المواهب في الإطار الوطني والعربي من خلال الأدب الملتزم، وعرض السحمراني مسألة الحضانة المتمثّلة ببريطانيا في ذلك الحين بالممارسات الداعمة لقيام المستعمرات تمهيداً للاستعمار الإستيطاني الصهيوني الإحلالي، وإنّ الفكر الحاضن للصهيونية انتشر في كلّ من الولايات المتّحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وسويسرا، حيث كان في هذه الدول أغلبيات تأخذ بالتفسير الحرفي للعهد القديم، والمزاج الأمريكي في الولايات المتّحدة مزاج مشبعٌ بالفكر الصهيونيّ منذ غزا الأوروبيون القارّة الأمريكيّة، واغتصاب فلسطين كان مشروعاً أوروصهيوني وهو اليوم صهيوأمريكي، والضمانة في المواجهة هي التمسّك بفلسطين والعمل لتحريرها من قبل الشباب الفلسطيني الذي يقاوم بالحجر والسكّين جيشاً نووياً، ومعهم قطاعات واسعة من المخلصين في الوطن العربيّ وفي العالم من المسلمين ومن المسيحيين وممّن يؤمنون بكرامة الإنسان، وعلى المقلب الآخر نجد أنّ العدوّ الصهيونيّ بدأ يعيش حالةً من العزلة ومن الحصار ومن المقاطعة وأبرزها تلك القائمة في أوروبا مضافاً إليها بعض المواقف في أمريكا نفسها، وفي فلسطين المحتلّة تشكّل القدس العنوان الجاذب لكلّ الوطنيين والعروبيين والمؤمنين بالإسلام أو بالمسيحيّة، والواجب حشد القوى وكلّ ما هو متوافر من إمكانات من أجل نشر المعارف الكافية لحقيقة العدوّ الصهيوأمريكي، والمعارف التي تبيّن الشخصيّة المقدسيّة والشخصيّة الفلسطينية، تصحيحاً للمفاهيم الخاطئة أو بياناً تعريفياً بالحقيقة المتعلّقة بالقدس وفلسطين، وهنا يأتي دور المفكّرين والأدباء وأهل الإبداع في الاستثمار في التربية وثقافة المقاومة والدعم الدائم لخيار المقاومة.

وأضاف السحمراني: إنّ أحد الأسلحة الفتّاكة بالعدوّ سلاح الاقتصاد وهذا يقتضي أن يفعّل الجميع سياسة المقاطعة لبضائع العدوّ وأنشطته، والمقاطعة للدول والشركات الداعمة للعدوّ الإسرائيلي.

ثمّ كانت نصوصٌ شعريّةٌ ألقاها كلّ من الأب الأديب نايف اسطفان، والدكتور الأديب مصطفى عبد الفتاح، والمحامي الأديب فؤاد كفروني، والقائمقام المتقاعد الأديب نبيل خبازي، والفنّان التشكيلي نقولا عيسى، والمربّية رنا نعمة، والشاعرة لينة السحمراني، ونذكر أبياتاً من قصيدة الأب نايف اسطفان:

وساموا القدس ظلماً وانتقاماً                   وقد نظـروا إلى البيت الحـرام

فقــام الشعب منتفضــاً بعزمٍ                    مع الفجر الجديد على اهتجام

وأطفــال الحجـارة قد تنادوا                     لضـربهم بصــبرٍ واعـتــزام

ثمّ كانت كلمات أكّدت على أهميّة مثل هذه اللقاءات الثقافيّة الجامعة، وعلى عناوينها التي تُبعد شبح الفئويّة والتعصّب، وتنقل الناس إلى حيث الأهداف الصحيحة، مطالبين بدوريّة مثل هذه اللقاءات، لأنّ القدس عنوانٌ جامعٌ عابرٌ للطوائف والمذاهب والفئويّات، وهذه الكلمات تعاقب عليها كلّ من الدكتور خلدون أيّوب رئيس فرع الجامعة اللبنانية الدولية في عكّار، والمحامية لارا السحمراني، والمربّي علي مقصود، والشيخ محمد الجندي.

ثمّ كلمة تحيّة ومباركة للنشاط من المفتي الشيخ زيد زكريّا حملها الشيخ وليد اسماعيل، وأخرى من المطران المتروبوليت باسيليوس منصور حملها الأب نايف اسطفان.

وبعد ذلك كانت كلمة شكر من محمد السيّد باسم حركة "فتح" في الشمال على هذا النشاط وهذه الروح الوطنيّة القوميّة العالية في الحديث عن فلسطين والقدس والتي ترتاح لها النفوس، وحيّا السيّد الحاضرين، وصاحب الدعوة والدار الوطنيّة العامرة، وقدّم درعاً تذكاريّة عليها صور المقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة في القدس باسم الفصائل الفلسطينية وحركة "فتح" للدكتور أسعد السحمراني.

ختاماً، شكر السحمراني من تعاقبوا على إلقاء الكلمات أو النصوص ومن لبّوا الدعوة على أمل انعقاد لقاءات جديدة في مناسبات وطنيّة جامعة.