شارك السفير دبور في مؤتمر المانحين لإعادة إعمار مخيم نهر البارد وألقى كلمته عن معاناة الشعب الفلسطيني حيث جاء فيها ما يلي:

دولة الرئيس تمام سلام،

معالي الوزير الدكتور حسن منينمة،

سعادة السفراء، السيّدة سيغريد كاغ،

السيّد بيار كراهينبول، السادة الحضور،

في وقتٍ صعبٍ دقيقٍ وحرج، يشعرُ فيه اللاجئون الفلسطينيون بالقلقِ من عدم تحمّل المجتمعِ الدولي المسؤولية القانونية والأخلاقية والإنسانية تجاههم بدءاً من حقوقِهم المشروعة غير القابلة للتصرّف في تقريرِ مصيرِهم بأنفُسِهم، وحريّتِهم، والعيش كباقي شعوب الأرض في دولةٍ مستقلّة، تتمتعُ بسيادةٍ على فضائِها ومائِها وأرضِها، وصولاً إلى أوضاعِهِم الإنسانية المأساوية في أماكنِ تواجدِهم، والتراجع الممنهج في وقف الدعم المالي لوكالةِ غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" الذي يزيدُ من معاناتهم ومعيشتهم الصعبة على مختلفِ الصُعُد الصحيّة والتعليمية والإغاثية والخدماتية.

وبَعدَ تسعِ سنوات من المأساةِ التي ألمَّت بمخيّمِ نهرِ البارد، لا بدّ لنا من التذكير بمدى التأثُّر الذي شَعَرَ به السيّد بان كي مون أثناءَ زيارته الأخيرة للبنان، وتفقده للمخيّم بتعبيره عن أَلَمِه من إستمرارِ الوضعِ المأساوي الذي شاهده، والواضح أثره على سكّانِ المخيّم الذين تحمَّلوا الكثير من المعاناة، ولا زالوا، جرّاء الكارثة التي حلّت بهم والتي لا ذنب لهم فيها، بل كانوا ضحيّةً للإرهاب الذي نواجهُه، وواجهناهُ معاً وما زلنا، كما نواجه اليأس والإحباط، ونثبت كيف نُرَّبي الأمل معاً، وكيف ننتصر على جراحِنا، ونرفض العيش بذلٍ، وننهضُ من الدمارِ والرماد.

الحضور الكريم،

نقفُ بتقدير فلسطيني كبير أمام تعهّد الحكومةِ اللبنانية بأنَّ الخروجَ من المخيمِ مؤقت، وإعادة الإعمار مؤكدة، والعودة حتمية. وما زلنا ننتظر. فمنذ أيّام فقدنا في مخيّم نهر البارد طفلة وجدّتها، كانوا في طريقهم للبركس الذي يأويهم، ولكنّ القدر كان أقوى فصدمتهم سيّارة، توَّفوا على إثرها. بإسم الطفلة إسراء وجدّتها وكلّ أهلي وأبناء شعبي في المخيّم المنكوب أدعوكم للعمل الجادّ على إنهاء معاناتهم وعودتهم إلى بيوتهم ليؤمنوا على حياتهم لحين عودتهم لوطنهم فلسطين.

اسمحوا لنا ومن هذا الصرح الذي نُجّلُ ونحترم أن نرفعَ صوت الحرمان والعيش في أحزمةِ البؤس، في الوقتِ الذي يسكنُ المحتلّ الإسرائيلي منازلنا، قرانا، ومدننا، ويحتل وطننا، فلسطين، ونعيش هنا لاجئين، وأملُنا كبير بإقرار التشريعات التي تكفل حقوقنا الإنسانية في العمل والتملّك والعيش بكرامة.

ولنعلن معاً إستراتيجية مشتركة أساسها استكمال وإنجاز إعادة إعمار مخيم نهر البارد وتنفيذ الالتزام الإنساني الأخلاقي المُقرّ في مؤتمر فيينا عام 2008، وفي هذا مصلحة وطنية لبنانية وفلسطينية وإنسانية، كما هي مصلحة دولية.

ولنؤكد على التعاون والشراكة بيننا كلبنانيين وفلسطينيين ولنعمل معاً للتصدي ومواجهة أدوات الدمار والفتن التي تهدِفُ النيل من أمنِ وإستقرارِ لبنان والمنطقة، بل العالم أجمع. وفي هذا خيرُ تعبير عن البيئةِ الإيجابية وضرورة دولية تحفظ الأمان للإنسان، وتُوطِّد العلاقات السياسية المدنية والإجتماعية على مبدأ احترام القانون والسيادة الدولة اللبنانية والعيش الكريم للاجئين الفلسطينيين في لبنان.

وتأكيداً لروحِ الأخوّةِ والتضامن ووفاء الأشقاء، نأملُ من إخوتِنا العرب القيام بواجبهم الأخوي بالالتزام في تأمينِ الموارد للانتهاء من إعادةِ إعمار مخيم نهر البارد، وهذا يؤكد الدعم والوقوف الدائم إلى جانب القضيّة الفلسطينية وإخوانهم اللاجئين الفلسطينيين عموماً.

نحنُ أمامَ تحدٍ كبير، وهذه دعوتنا لتحمّلِ المسؤولية وتحويلِ الأقوال إلى أفعال. وعلينا أن نضيءَ شمعةَ خير لا أن نَلعنَ الظلام. ولنعمل معاً وسوياً وجنباً إلى جنب من أجل تحقيقِ الغاية النبيلة، فسلاحُنا الأقوى ولا زال الأملُ بالحياةِ الكريمة، ولن نَفقدَ الأمل!