جعجع كثيرا، وتشدق بتصريحات سياسية مدعيا انه يملك البديل عما يمارسه رئيس الحكومة. وبدا للمراقبين ان رئيس المعارضة الاسرائيلية سيشيل الزير من البير، وينقذ عملية السلام. وعندما أدلى بدلوه في معهد الدراسات القومي، نطق كفرا، وأعاد إنتاج رؤية نتنياهو.
اسحق هيرتسوغ، زعيم حزب العمل والمعارضة الاسرائيلية في آن، طرح رؤيته العنصرية القائمة على الانفصال عن الفلسطينيين من خلال استكمال بناء جدار الفصل العنصري، وفصل إسرائيل والكتل الاستعمارية الكبرى عن البلدات الفلسطينية في القدس. وهو ما يعني، اولا تكريس العنصرية؛ ثانيا إبقاء الحال على ما هو عليه دون حل؛ ثالثا التكامل مع خيار الائتلاف الحاكم في تبديد التسوية السياسية.
ولم يكن لبيد، زعيم "هناك مستقبل" وأحد أذرع المعارضة، افضل حالا، حيث دعا لزيادة عدد اليهود في القدس، وقطع الطريق على الزيادة الديمغرافية للفلسطينيين فيها؛ والعمل لترميم وزارة الخارجية لتصويب العلاقة مع اميركا والدول العربية. ونفس الشيء تحدث غدعون ساعر، وزير الداخلية السابق.
اللوحة الماثلة امام المراقب، تشير إلى إفلاس المعارضة الاسرائيلية السياسي، وركضها في متاهة إئتلاف نتنياهو الحاكم. والتباين نسبي وشكلي. وهو ما يؤكد بشكل جلي، عدم وجود شريك إسرائيلي في عملية السلام. حيث يدور زعماء الاحزاب من الموالاة والمعارضة في فلك الاستيطان الاستعماري، والغرق أكثر فأكثر في مستنقع العنصرية، وتهديد السلم والامن الاقليمي والعالمي.
الرد على سقوط الساسة الاسرائيليين في وحول سياسة التطهير العرقي، يكون بتحمل الاشقاء العرب وقادة العالم في بعث الروح في المؤتمر الدولي للسلام لالزام الحكومة الاسرائيلية باستحقاقات عملية السلام، ووضع حد نهائي للاحتلال الاسرائيلي، وفتح الافق لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على حدود الرابع من حزيران 1967، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194.
دون الانتقال بالوضع القائم من حالة الركود إلى حالة النهوض بالعملية السياسية، وتجاوز كل المعيقات والاخطار الاسرائيلية، فإن الامور ستفلت بالضرورة من كل القوى، وعندئذ لن تكون الاوضاع في صالح أحد لا في الاقليم ولا في العالم. لذا الاولوية العالمية ليست محاربة "داعش" ومن لف لفها من المنظمات والمجموعات الارهابية على اهمية ذلك، بل إزالة الاحتلال الاسرائيلي، ووقف إرهاب الدولة المنظم الاسرائيلي.
ومن يعتقد ان القضية الفلسطينية، لم تعد اولوية للعالم بسبب المعطيات القائمة في الاقليم، فإنه مخطئ. لأن الوضع القائم، وانبعاث وتمدد الجماعات التكفيرية الاسلاموية، ناجم عن إنفلات ارهاب الدولة الاسرائيلي المنظم من عقاله. وإسهامه المباشر وغير المباشر بمد تلك المجموعات بعوامل النشوء والبقاء والتوسع في جرائمها وارهابها. ولا يوجد قائد عاقل، ولديه الحصافة السياسية والأمنية، تغيب عنه قراءته هذه المعادلة.
ما تقدم لا ينطلق من خلفية ذاتية تبسيطية أو من اعتبارات سفسطائية ومغالاة غير موضوعية، انما من قراءة واقعية عميقة لما شهده ويشهده الاقليم والعالم من تطورات عاصفة. لذا على الجميع تحمل مسؤولياته تجاه تصفية الاحتلال الاسرائيلي، وإنقاذ الشعب الفلسطيني والمنطقة من أخطار الفاشية الاسرائيلية المتصاعدة، التي إذا ما تمادت وانفجرت، فانها ستنفجر في وجه اوروبا واميركا بذات القدر، الذي يقع على الفلسطينيين والعرب.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها