مع ذلك، السلطة الوطنية، رغم انها مولود غير مكتمل الولادة، ويعاني من تشوهات جينية، غير انها الابن الشرعي للشعب الفلسطيني. وتعمل القيادة والشعب على حد سواء على علاج الطفل الخداج (السلطة) حتى يكتمل مع إزالة آخر جندي ومستعمر من الارض الفلسطينية، وعودة كل ذرة تراب محتلة للدولة الفلسطينية المنتظرة، الوليد الطبيعي للحل السياسي. بتعبير آخر، ان شروط الولادة للكيانية الفلسطينية ارتباطا بعوامل ذاتية وموضوعية، كانت ولادة عسيرة. غير ان هذا المولود، هو من رحم النضال الوطني الفلسطيني.
لذا الشعب والقيادة الفلسطينية، لن يسمحوا لاسرائيل ومن لف لفها من دول المنطقة بتبديد السلطة الوطنية. وسيعمل الجميع كل من موقعه لحماية وتطوير هذا الوليد حتى تكتمل ملامحه وهويته بعد الانفصال الكلي والاستقلال الناجز عن دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، وتطهيرها من قبح ووحشية الاحتلال.
وإذا كان نتنياهو حريصا فعلا على السلطة الوطنية، عليه فورا ودون مراوغة العمل على الآتي: اولا: الاستعداد للعودة للمفاوضات لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر، مع إبداء الاستعداد الكامل لدفع استحقاقات التسوية السياسية ضمن سقف زمني محدد لا يتجاوز العامين، والافراج المباشر عن الدفعة الرابعة من اسرى الحرية المعتقلين قبل اوسلو. ثانيا: وقف سياسة المصادرة والتهويد للاراضي، وإلغاء كل عطاءات البناء في المستوطنات المقامة على اراضي دولة فلسطين، والاعلان الصريح عن الانسحاب من اراضيها وفي مقدمتها القدس الشرقية. ثالثا: الالتزام بحق العودة للاجئين الفلسطينيين وفقا للقرار الدولي 194؛ رابعا عدم ربط ذلك باي شرط من الشروط، كشرط اعتراف الفلسطينيين بـ"يهودية" الدولة الاسرائيلية. خامسا: القبول بمساواة ابناء الشعب الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب مع اليهود الصهاينة. ومع ان العامل الاخير، لم يرد ذكره في اي من المطالبات الفلسطينية الرسمية. لكني اعتقد، ان على القيادة الربط بين المسائل، لا سيما وان هناك حملات ترهيب إسرائيلية مسعورة لانتهاك حقوق الاشقاء في داخل الداخل، وكونهم جزءا اصيلا من الشعب والرواية الفلسطينية.
اما ادعاء "الحرص" على السلطة في الوقت، الذي يعطي (نتنياهو) الاوامر لشق الطرق الالتفافية الخاصة بالمستعمرين، ومصادرة الاراضي والاعلان عن عطاءات لبناء عشرات آلاف الوحدات الاستيطانية في الستعمرات المقامة على اراضي دولة فلسطين، ومواصلة سياسة القتل والاعدامات الميدانية والعقاب الجماعي ومنها الاعتقال وغيرها من الانتهاكات الخطيرة، التي تهدد مصير ومستقبل ابناء الشعب الفلسطيني وليس فقط سلطتهم الوطنية، فإن ذلك الحرص ليس سوى السم الذي يدس في العسل لقتل الفلسطينيين جميعا.
آن الاوان لدول العالم خاصة الاقطاب الدولية المقررة للتعاون مع الاشقاء العرب للعمل فورا على إزالة الاحتلال الاسرائيلي مرة والى الابد عن الارض الفلسطينية المحتلة من خلال عقد مؤتمر دولي يملك الصلاحيات التقريرية، وبعث الامل بسياسة التعايش والسلام والتنمية، ذلك هو الضمان الوحيد لمن يخشى على مستقبله. لان الاسلحة والعنف والاحتلال لا يمكن لها ان تضمن بقاء دولة مهما عظمت قوتها. ويخطىء الاسرائيليون، إن إعتقدوا، انهم يستطيعوا العيش في ظلال الاحتلال والارهاب. فاما السلام واما الحرب، ولا حلول وسطى بينها. ولكن الشيء المؤكد، هو تمسك الشعب الفلسطيني وقيادته بالسلطة الوطنية، الابن الشرعي لكفاحهم التحرري.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها