لا زال المشهد السياسي العربي والإسلامي، يزداد تعقيداً، في ظل إحتدام المواجهة مع القوى الإرهابية، التي تَنسِبُ نفسها زوراً وبهتاناً للعروبة والإسلام، وقد باتت ((ظاهرة الإرهاب)) تمثل التحدي الأكبر، الذي يواجه الدول العربية والإسلامية، وغيرها من دول العالم، لما تحمله هذه الظاهرة من تهديد لإستقرارها وتمزيق لوحدتها الوطنية والمجتمعية، إن هذه الظاهرة قد تنامت وتفشت وتعددت أشكالها وفصائلها في ظل العولمة، وتطور وسائل التقنية ووسائل الإتصال، ما جعل إنتشارها أكثر يسراً وسهولة، وزاد من مخاطرها ما أدى إلى إحتدام المواجهة معها على مستوى العالم أجمع، وقد استتبع ذلك قيام التحالفات الدولية والإقليمية لمواجهة هذه الظاهرة لوضع حدٍ لها قبل أن تتمكن من تحقيق أهدافها، الجهنمية في إشاعة الفوضى وعدم الإستقرار، وتدمير الدول والمجتمعات وإغتيال الأمن والسلم المجتمعي، الوطني والإقليمي والدولي على السواء.
إن إنبعاث الطائفية السياسية الدينية والولاء والإنتماء إليها، بدلاً من الإنتماء والولاء إلى الوطن والدولة، مثل الأرض الخصبة لتفشي ظاهرة الإرهاب، والتحدي الأكبر للمجتمع والدولة في الدول العربية والإسلامية، وحول الدين من موحد للشعب وللدولة إلى ممزق للهوية الوطنية، ومضعفٍ للولاء للدولة وللوطن، وممهد لتفكك الدول والمجتمعات، ومؤجج للصراعات والحروب الأهلية والطائفية والتي يجرِ الإحتراب على أساسها، لتكون النتيجة تفكيك الدول والمجتمعات وتقسيمها.
إن تحدي مواجهة الإرهاب المتفشي باتت تسيطر على المشهد السياسي العربي في ظل حالة الفوضى التي تضرب فيه، شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، فاتحة كل الأبواب للتدخلات الإقليمية والدولية فيه، في ظل غياب نظام عربي أو إسلامي قوي ومتماسك، قادر على مواجهة ظاهرة الإرهاب، فمن هنا تبدو الحاجة الماسة لإستعادة النظام العربي والإسلامي لتماسكه ووحدته وقدرته، لإستعادة الأمن والإستقرار والذي بات مفقوداً في العديد من الدول العربية والإسلامية، خصوصاً أن الركون للنظام الدولي وحده في مواجهة هذه الظاهرة قد بان تقصيره وعجزه عن وضع حدٍ لها، بل قد أدى تراخيه معها، إلى سعة الرقعة التي باتت تتمدد إليها، وبالتالي فإن المواجهة الفردية أيضاً لهذه الظاهرة أيضاً وحدها غير كافية للإنتصار على الإرهاب وأدواته، وإجتثاث أسبابه وتجفيف منابعه الفكرية والمادية على السواء.
إن قيام تحالف عربي إسلامي لمواجهة ظاهرة الإرهاب والإنتصار عليها، باتت ضرورة أكيدة للإنتصار على الإرهاب وإجتثاثه، كي تستعيد كافة الدول أمنها وإستقرارها وسلامها الداخلي، الذي يمثل الأساس للحفاظ على وحدتها، والبيئة اللازمة لتحقيق النمو والتطور، وتلبية حاجات مواطنيها.
في هذا السياق تأتي أهمية التحالف العربي الإسلامي الذي أعلن عنه في الرياض لمواجهة الإرهاب ليمثل جبهة إسلامية عربية متحدة، تشمل غالبية الدول الإسلامية والعربية من أجل حشد طاقاتها الفكرية والمعنوية والسياسية والمادية من عسكرية وأمنية وغيرها، لمواجهة هذه الظاهرة بالتنسيق مع الشرعية الدولية والوطنية في أي دولة من الدول الإسلامية، تمثل خطوة جوهرية في المعركة المحتدمة مع الإرهاب، وفصائله المختلفة وساحاته المتعددة، وسيمثل هذا التحالف
ركيزة أساسية يبنى عليها أستراتيجية شاملة في إعادة بناء النظام الإقليمي العربي والإسلامي، لسد الفراغات الإستراتيجية التي نفذت منها قوى الإرهاب وفصائله، سواء كانت منظمات أو عصابات أو دول، سعت وتسعى لتأجيج هذه الظاهرة الخطيرة، وتوفر لها الحاضنة الفكرية والسياسية والمادية والديمومة والإستمرار.