أرغم الحراك الشعبي الفلسطيني العالم اجمع وخاصة الولايات المتحدة والرباعية الدولية ( التي إلتزم مندوبيها برغبة رئيس وزراء إسرائيل، الرافض مجيئهم، وبناءا على توجيهات وزير خارجية أميركا، فقرروا تأجيل وصولهم للمنطقة) على التحرك، فأجروا الاتصالات مع القيادتين الفلسطينية والاسرائيلية ل"ضبط النفس"، ولسان حالهم، يقول " إننا نحمل الطرفين المسؤولية عما آلت إليه الامور!" فساوا بين الضحية والجلاد، رغم ان التصريحات الصادرة عن الخارجية، أشارت إلى "الافراط الاسرائيلي في إستخدام القوة"، الامر الذي اثار ردود فعل إسرائيلية إنفعالية ضد إدارة اوباما. أضف إلى إرسالهم بعض المسؤولين الامنيين لمراقبة الوضع عن كثب، والوقوف على التطورات، والحؤول دون اية مضاعفات. كما سيلتقي جون كيري مع نتنياهو في أوروبا خلال الايام القادمة. ولم يتقرر وصوله للمنطقة حتى اللحظة، مع ان العديد من وكالات الانباء، تفيد بمجيئه لها، وذهبت بعض المصادر الاعلامية، للاشارة، إلى ان الادارة الاميركية، تدعو لقمة فلسطينية إسرائيلية برعاية أردنية. غير ان الحقيقة، تفيد بعدم وجود هكذا دعوة، لان القيادة الفلسطينية، تدرك أن نتنياهو وحكومته، ليسوا جاهزين لوقف جرائمهم وارهابهم الاسود ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني. كما ان الاميركيين، لا يمكن ان يدعوا لهكذا قمة دون إعداد وتحضير جيد لها، يمكنهم من تحقيق خطوات إيجابية بمعاييرهم.
إذاً اي مراقب لمستوى التدخل الاميركي، يلحظ، انه تدخل محدود، ولا يتجاوز حتى الان ذر الرماد في عيون شعوب المنطقة والعالم. ومازال من المبكر، الحديث عن تدخل اميركي جدي بالمعنى الدقيق للكلمة، وبالتالي القراءة الموضوعية لسقف السياسة الاميركية تجاه التطورات الجارية على الساحة الفلسطينية الاسرائيلية، تشير إلى الاتي: اولا وضع الضحية والجلاد في سلة واحدة، وتحميل الطرفين المسؤولية عن التصعيد؛ ثانيا السعي لضبط الوضع دون اية مضاعفات او تداعيات غير محسوبة؛ ثالثا مراقبة التطورات، وعدم إفساح المجال للرباعية الدولية او المنابر الاممية وخاصة مجلس الامن من إتخاذ اية قرارات تدين دولة إسرائيل؛ رابعا إنتهاج سيناريو تحرك الموقف الاميركي صعودا او هبوطا إرتباطا بتطور وتيرة  وتصاعد وحشية جرائم وارهاب الدولة الاسرائيلية ورد الحراك الشعبي السلمي الفلسطيني عليه؛ خامسا ايضا ترك التقدير الدقيق للموقف في أعقاب لقاء كيري مع رئيس الحكومة الاسرائيلية في المانيا، وحتى لما بعد لقاء اوباما مع نتنياهو مطلع الشهر القادم؛ سادسا ممارسة الضغوط على الطرفين وخاصة على الرئيس ابو مازن، للحؤول دون إتساع دائرة الفعل الشعبي الفلسطيني؛ سابعا بقاء دائرة الاتصالات الهاتفية مع قيادات الطرفين مع كل تطور ذات صبغة نوعية.
النتيجة المنطقية للتحرك الاميركي، انه سيبقى دون المأمول به فلسطينيا وعربيا. لان الولايات المتحدة، لا يمكن ان تخرج من ثوبها وتحالفها الاستراتيجي مع دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، وستعمل بكل ما اوتيت من قوة للضغط على القيادة الفلسطينية وخاصة رئيس منظمة التحرير، وستبقى تساوي بين الضحية الفلسطينية والجلاد الاسرائيلي ما لم تتغير المعادلة على الارض وفي المنطقة، ويسعى الاشقاء العرب لاستخدام اوراق القوة الموجودة في ايديهم. ومن يراهن على تحرك اميركي ايجابي لصالح إحقاق الحقوق الوطنية الفلسطينية، فهو لا يرى الحقيقة، ويحاول إسقاط أمنياته ورغباته على الواقع. لكن هذا التغيير بالمعنى الاستراتيجي ليس مستحيلا، ولكن بحاجة إلى مجموعة عوامل، أُشير لبعضها آنفا.