اتابع باهتمام وانتباه وشغف, الجهود الكبيرة التي تبذلها الهيئة الوطنية للاسرى والمحررين, ونادي الاسير الفلسطيني, وبقية الهيئات المعنية بشؤون الاسرى, لتجليس استراتيجية جديدة تتوقف فيها الاضرابات والفعاليات والنضالات الفردية لصالح عودة الحركة الفلسطينية الاسيرة الى حماية تاريخها ومنجزاتها داخل سجون الاحتلال الاسرائيلي، وهو تاريخ عظيم, ينبع من فلسفة وطنية عميقة, بتدمير فلسفة الاحتلال التي تريد تحويل السجين الفلسطيني, وهو اسير حرية, الى عبء على نفسه وعائلته وشعبه, وقلب المعادلة الاسرائيلية رأسا على عقب, بان تبقى الحركة الفلسطينية الاسيرة رافعة من روافع النضال الوطني, وساحة من ساحات الكفاح لاسقاط منطق الاحتلال وشرعياته, وجعله عاريا كأبشع انواع الارهاب.
قضية الاسرى يلحق بها اذى كبير اذا اديرت بعقلية فصائلية تنافسية سلبية داخل السجن وتحت وطأة مصلحة السجون الاسرائيلية وقوانينها ومناوراتها الخبيثة, قضية الاسرى شأن وطني, حالة وطنية في ارقى الاشكال, وعندما نهبط بها الى مستوى الدعاية الفصائلية ضيقة الأفق, فان الصورة تكون مشوهة, والنتائج تكون مخيبة للامال.
والحركة الفلسطينية الاسيرة تحمل على كاهلها ارثا كبيرا, حين كانت تقرر اشياء كبرى داخل السجون, الثقافة السياسية العالية. وحدة المساجين, دورهم في السجن الذي يصبح ركنا اساسيا في ساحة النضال خارج السجون, حضور الحركة الاسيرة في القرار السياسي والتنظيمي وبالتالي القرار الوطني العام, ولكن انخفاض مستوى الممارسة السياسية للفصائل, وتشظيها, وانعكاس هذا التشظي على الحركة الاسيرة داخل السجون, خلق في السنوات الاخيرة حالة عجيبة مرهقة ولكن دون عوائد مجزية.
والحمد لله ان الهيئة الوطنية للأسرى، نجحت في اللحظات الاخيرة من خلال توجهها الى المحكمة العليا الاسرائيلية، في انقاذ حياة الأسير المحامي محمد علان الذي رسم صورة مضيئة للنضال ضد فعل شاذ وهو السجن الاداري، الذي تستخدمه اسرائيل لتدمير ابطالنا في السجون بينما هي عاجزة عن تلفيق تهمة لهم، وبدلا من ان تعاقب على فشلها واستهتارها فانها تعاقب عشرات ومئات من المناضلين الفلسطينيين.
كل مناضل منذ انخراطه في صفوف النضال الوطني، كان لديه تقدير موقف بأنه يمكن ان يستشهد أو يسجن، ولكن الاستراتيجية التي نحن ننحاز اليها وندعمها وندعو الى تكريسها هي استراتيجية عدم الاستشهاد المجاني وعدم السجن المجاني تحت غطاء مماحكات فصائلية تهبط احيانا الى مستوى سحيق في ادارة شؤون هؤلاء المساجين.
هذه تحية للأخ العزيز عيسى قراقع رئيس الهيئة الوطنية والأخ قدورة فارس رئيس نادي الأسير ولكافة الهيئات الوطنية التي تعمل بهذه الروح وهذا المستوى من الدقة والمسؤولية العالية، وعاشت نضالات حركتنا الأسيرة ونضالها المجيد.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها