21 آب/أغسطس، 2015

الى لاجئي فلسطين الذين يعيشون حالياً في لبنان،

تعقيباً على البيان الذي أصدره المفوض العام في 19 آب/أغسطس وبعد جهود مكثفة لجمع التبرعات، تمكنت الأونروا في اللحظة الاخيرة من تأمين التمويل الضروري لتتمكن من بدء العام الدراسي في الوقت المحدد وأود أن أطلعكم على معلومات ترتبط ببعض القضايا الخاصة بإقليم لبنان.

واستكمالاً لجهود المفوض العام الحثيثة لحشد الدعم، عقدت وزملائي اجتماعاتٍ عدة هنا في لبنان مع رئيس الوزراء ووزراء آخرين، بالإضافة إلى الدكتور حسن منيمنة، رئيس لجنة الحوار اللّبناني- الفلسطيني وشخصيات لبنانية بارزة مثل النائب بهية الحريري ورئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة والنائب وليد جنبلاط، إلى جانب عدد من السفراء وقادة في مجتمعات اللاجئين وزملاء لنا رفيعي المستوى في الأمم المتحدة من أجل شرح الوضع وطلب المشورة والدعم. وعبّر الجميع عن تضامنهم معنا وعن عمق قلقهم حيال وضع الأونروا، علماً أنّهم اتّخذوا تدابيراً خاصّةً لحشد الدعم.

كذلك، يبدو جليّاً من خلال المناقشات معكم والتظاهرات السلميّة الأهمية الكبيرة التي تولونها الى التّعليم من جهة، باعتباره أمل المستقبل والى الأونروا من جهة أخرى، كونها الشاهد على نكبتكم وعلى حقكم في العيش بكرامة. تركتم انطباعاً قوياً ودائماً لدينا مع تشديدكم مراراً وتكراراً أن التعليم هو آخر مجال يمكن المساس به اذا أرغمت الأونروا على إنقاذ الوكالة!

اسمحوا لي أن أغتنم هذه الفرصة لأطلعكم على أخبار جيدة. لقد حصلنا مؤخراً على مساهمة مهمة أخرى تصل قيمتها الى 2.9 مليون دولار أميركي من الحكومة الأميركية وهي مخصصة للدعم النقدي المقدم الى لاجئي فلسطين من سوريا، ما يسمح لنا بالاستمرار في توفير بدل الغذاء وقيمته 27 دولاراً أميركيّاً للفرد الواحد شهريّاً وذلك حتى نهاية العام. وسوف أشاطركم مزيداً من التفاصيل المتعلقة بكيفية وتوقيت توزيع هذه المساعدة على لاجئي فلسطين من سوريا. اسمحوا لي في الوقت نفسه أن أشدد على أنّه فيما نسعى إلى الاستمرار في تقديم المساعدة المالية لعام 2016، إلا أنّ هذا الأمر رهن لتمويل محدود توفّره الجهات المانحة وبالتالي فمن المحتمل انتفاء القدرة على الاستمرار في توفير هذه المساعدات خلال العام المقبل.

مع إصدار قرار فتح المدارس في الوقت المحدد، لقد حققنا أول هدف من أصل هدفين في إدارة أزمتنا المالية. يجب علينا الآن ألا نتهاون والإستمرار في التركيز على الهدف الثاني، وهو معالجة القضايا الهيكلية التي وضعتنا في هذا الموقف وتأمين أساس مستدام لتمويل عمل الأونروا على المدى الطويل.

سنستمر في مواجهة تحديات مهمة في الأسابيع والأشهر المقبلة، بما في ذلك النظر في كيفية إدارة الموارد المؤتمنة الينا في الأونروا بأقصى درجات من المسؤولية والفعالية. في الأسابيع الأخيرة، عبّر العديد منكم عن مخاوفكم بشأن الهدر والفساد المزعومين. نحن نصر على الاستمرار في النظر في مثل هذه الإدعاءات والتأكد من أننا نقدم خدمات مستدامة وذات جودة. وأنا على ثقة أننا نستطيع في الأونروا أن نعول على دعمكم في القيام بذلك.

يطرح العديد منكم أسئلةً حول مستقبل خدمات الإغاثة في مخيم نهر البارد وأعمال إعادة إعمار المخيم. في ما يتعلق بجهود إعادة إعمار المخيم، نحن نملك التمويل الكافي والذي يتضمن التبرع الأخير المقدم من المملكة العربية السعودية، لضمان عودة نحو 60 في المائة من السكان النازحين بحلول نهاية العام 2016. ونحن نبذل قصارى جهدنا من أجل حشد المزيد من الموارد لدعم العائلات المتبقية والتي يصل عددها الى حوالى 2000 عائلة نازحة ومساعدتها على العودة إلى مخيم نهر البارد. ولتحقيق هذه الغاية، نحن نستعد مع الحكومة اللبنانية ومختلف الشركاء لعقد اجتماع في شهر أيلول/سبتمبر لطرح على مختلف الخيارات طاولة النقاش لإنجاز هذا العمل ولحشد المزيد من الدعم المالي.

من أجل ايفاء وعدنا أن نكون صريحين وشفافين، يؤسفني أن أبلغكم أننا سنتمكن من تقديم المساعدة النقدية الربعية كبدل إيجار لمرة واحدة فقط في منتصف شهر أيلول/سبتمبر بقيمة 100 دولار أميركي شهرياً لكل أسرة مؤهلة أن تحصل على هذا الدعم. للأسف، ستكون هذه المساعدة الأخيرة من نوعها، اذ أنه، وبسبب النقص في التمويل، سيتحتم علينا أن نوقف هذه المساعدات اعتباراً من الربع الأخير من هذا العام. 

وأخيراً، نواصل البحث عن سبل لمعالجة تكاليف الاستشفاء المرتفعة جداً في المستشفيات في لبنان. ونحن بصدد إعداد سياسة إستشفاء جديدة والتي من المرجح أن تقلص من ناحية التغطية الكاملة بنسبة 100 في المائة من تكاليف الرعاية الصحية من المستوى الثاني، ومن ناحية أخرى من المحتمل أن تسمح لنا بزيادة تغطية تكاليف الرعاية الصحية من المستوى الثالث بشكل طفيف. ونحن ندرك جيداً أن الدعم الحالي والمستقبلي الذي تستطيع أن توفره الأونروا للمرضى الذين يعانون أمراضاً مزمنةً مثل السرطان غير كافٍ أبداً لتلبية جميع التكاليف. وسوف نحاول بإستمرار أن نحشد دعماً إضافياً من أجل تخفيف العبء الضخم المترتب عن التكاليف والمرتبط بالمرض الشديد.

نحن نمر بأوقات صعبة، ولا يرغب أي منا في الأونروا أن يكون في موقف يرغمه على مشاركة الأخبار الصعبة. وكما يقوم المفوض العام بتذكير المجتمع الدولي في كثير من الأحيان، لا تتعلّق هذه المسألة بالمساعدات فحسب، بل بإيجاد حل عادل. إسمحوا لي أن أؤكد لكم أن كل فرد منا في الأونروا ملتزم تماماً ليس فقط بضمان وصولكم إلى الخدمات الأساسية التي هي حق لكل إنسان، ولكن أيضاً بتعزيز دورنا كشاهد على محنتكم بصفتكم لاجئين لفترة طويلة من الوقت.

أتأمل وزملائي أنه من خلال العمل الوطيد معكم وقيادتكم والسلطات اللبنانية والعديد من شركائنا الدوليين، سوف نجد وسيلةً لوضع الأونروا على أساس أكثر استدامة لتنفيذ ولايتها قدر ما هو مطلوب.

 

 

ماتياس شمالي

مدير عام الأونروا في لبنان