من فترة غير بسيطة من الزمن والمرء ينادي بعقد دورة للمجلس الوطني، لأن المصلحة الوطنية تحتم عقدها لاكثر من سبب وعامل، اولا لاعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي تآكل وتراجع دورها على اكثر من مستوى وصعيد؛ ثانيا لاقرار برنامج سياسي جديد، يتوافق مع طبيعة المرحلة، ثالثا للرد على رفض دولة التطهير العرقي الاسرائيلية خيار التسوية السياسية، واستمرائها سياسة الاستيطان الاستعماري، ولاصرار إسرائيل على تفتيت وحدة الشعب الفلسطيني من خلال دفعها بـ"انفصال" محافظات الجنوب عن محافظات الشمال، وتنصيب قيادة الانقلاب الحمساوية على إمارة غزة، ولمضي حركة حماس في خنق وقتل خيار المصالحة الوطنية، والتناغم والتساوق مع اسرائيل وقوى عربية واقليمية ودولية على تفتيت وحدة الارض والشعب العربي الفلسطيني، ولتراجع الاهتمام العربي والاقليمي والدولي بالقضية الفلسطينية؛ رابعا لملء الفراغ في الهيئات القيادية، وترتيب شؤون البيت الفلسطيني.
الدعوة لعقد دورة للمجلس الوطني عادية في الظروف الراهنة، وفي ظل التجاذب الحاصل في الساحة، ورفض حركة حماس دفع عربة المصالحة الوطنية، ولرغبتها المستميتة في إفشال اي خطوة وطنية موحدة، وتمسكها الصريح بخيار الانقلاب والامارة، ولعدم التمكن من اجراء انتخابات لاعضاء المجلس الوطني، فإن الضرورة والمصلحة الوطنية، تستدعي عقد دورة طارئة للمجلس الوطني لبحث القضايا المشار لها اعلاه.
إذا الدعوة لجلسة طارئة في ظل عدم التمكن من الدعوة لدورة عادية أو الدعوة للمجلس الوطني بقوام جديد، استنادا إلى ما تم الاتفاق عليه سابقا في لجنة تفعيل منظمة التحرير (2009 و2011 و2013) بات امرا مشروعا، لاسيما ان هكذا دعوة، تنسجم وروح النظام الاساسي وفق ما جاء في المادة (14) الفقرة (ج) التي اشار لها الاخ ابو الاديب، رئيس المجلس الوطني في الاجتماع غير العادي للمجلس الوطني في 26و27/8/2009، عندما قال: انه "يحق للجنة التنفيذية ورئاسة المجلس ومن يستطيع الحضور من الاعضاء (عقد) اجتماع غير عادي" لمعالجة القضايا الطارئة. وهذا النوع يقع ضمن ما سماه النظام "حالة القوة القاهرة"، التي تنبه لها الرئيس الاول لمنظمة التحرير الفلسطينية، المغفور له احمد الشقيري.
ولا يمكن تفهم تحفظ او مراوحة وتردد بعض القوى او الشخصيات المستقلة، إلا في نطاق التخلي عن الدور القيادي في تحمل المسؤولية تجاه الذات الوطنية وممثلها الشرعي والوحيد، منظمة التحرير الفلسطينية. وهو ما لا يمكن للقوى الاساسية في منظمة التحرير القبول به، لاسيما ان اللحظة السياسة والتنظيمية تملي عقد الدورة الطارئة، حماية للذات الفلسطينية، ودفاعا عن المشروع والاهداف الوطنية.
وحدوث اية ثغرات او اخطاء من قبل بعض الاخوة في الهيئات القيادية في التعبير عن الدعوة للجلسة الطارئة، لا يعني الاستنكاف او التردد. لان هكذا اخطاء يمكن إثارتها ومعالجتها في إطار اجتماع اللجنة التنفيذية المنوي عقده مطلع الاسبوع القادم. مع ان مصدرا عليما، اكد استنادا للقاءاته مع فصائل العمل الوطني الاساسية، ان تلك القوى تميل للموافقة على عقد الدورة الطارئة. رغم ان بعضها اصدر بيانا عن احدى هيئاته القيادية، جاء ملتبسا وغامضا. لكن ذلك الالتباس، لا يعني التعطيل بقدر ما يحمل "الدلال" السياسي، وتثبيت مواقفها الاساسية. وبالتالي لا خشية من حيث المبدأ على عقد الدورة الطارئة، لان من يعرف طبيعة القوى السياسية وتصرفاتها عشية هكذا اجتماعات، يعي لغتها التكتيكية.
والاهمية الاضافية لهذه الدورة الطارئة، انها تأت عشية انعقادة الدورة السبعين للجمعية العامة للامم المتحدة، حيث يشارك الرئيس محمود عباس في الدورة، وهو يستند إلى مرجعية قيادية موحدة، وبرنامج وطني جديد يتجاوز البرنامج الحالي، يساعده في مواجهة التحديات الاميركية والاسرائيلية ومن لف لفهم في الساحة الاممية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها