لم يكن قرار انشاء السلطة الوطنية الفلسطينية اختراعا دوليا، او صناعة اسرائيلية، ولا هو ابداع اميركي استثماري، كما يحلو للبعض احتقار ارادة وتضحيات الشعب الفلسطيني!! كلما مرت  العملية السياسية بمنعطف خطير او انحشرت في عنق الزجاجة، فهذا الهدف وطني، أقره المجلس الوطني منذ عام 1974، بقراره اقامة السلطة الفلسطينية على أي شبر يتم تحريره من ارض فلسطين، ما يعني، وهذا ما يعرفه الذين يرمون اسماعنا صباحا ومساء بفحيح نفخ بالونات الاختبار، ان السلطة الوطنية ليست وديعة اسرائيلية او اميركية لدينا حتى نردها اليهم، فالرئيس ابو مازن، قائد حركة تحرر الشعب، وصاحب الشرعية النضالية والكفاحية التاريخية، يناضل لأجل تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني ويوصل النهار بالليل خادما امينا مخلصا وفيا لشعب منحه الثقة، فأوفاه العطاء، حتى بات فخره انه رئيس الشعب مرفوع الرأس دائما لأنه شعب فلسطين شعب الأرض المقدسة.

السلطة الوطنية ليست حزبا، او جماعة حتى يعلن المناضلون حلها، وانما محطة على درب نضال ومسيرة شعب فلسطين نحو هدف الحرية والاستقلال، والرئيس ابو مازن اقسم بالولاء والانتماء لفلسطين، والعمل على خدمة الشعب الفلسطيني واعلاء مصالحه العليا، لذا ليس بريئا، ولا ضعيف رؤية، ولا تنقصه محاليل الذكاء، انما ينقصه بعض الاحترام الواجب تقديمه لهذا الشعب الذي انجب هذا القائد، من يحاول خداع الجماهير الفلسطينية بمقولة: ان انسداد أفق العملية السياسية هو ما سيدفع الرئيس ابو مازن لتقديم استقالته!!! فهل سأل هؤلاء المتذاكون – الناجحون في امتحانات الاملاء، الراسبون في منهج الفلسفة الوطنية، هل يعقل أن يترك الرئيس ابو مازن كابينة قيادة السفينة الفلسطينية، ويقدم الرئيس استقالته فيما يصارع مع قيادات وطنية وشعب الصبر امواج الاحتلال والاستيطان اليهودي الارهابي، وصخور الانقسام والانفصال المصنوعة اقليميا واسرائيليا، وراكمتها حماس برافعة جماعة الاخوان، وكباشات العملاء ومستخدمي المخابرات الدولية على مسار  ميناء الاستقلال؟!

قد لا يعي المرتكزون على حائط المصادر الاسرائيلية أنهم سيكونون اول ضحايا انهيارات المشروع الاحتلالي الاستيطاني، حتى لو (تعربشوا) على دبابات يعلون، ذلك ان الجماهير الفلسطينية تملك من القدرة على تمييز مالك المنهج والبرنامج السياسي الواضح، المتحدث بلسان واحد، ذي الوجه الواحد، الفريد من زعماء العالم ورؤساء الدول وقادة حركات التحرر الذين يأخذون الصدق منهجا للتعامل مع شعوبهم وخصومهم، وبين مالكي الأرصدة، اللاهثين للظهور في برامج الفضائيات، المتناقضين مع انفسهم، السابحين في ماء الفضائيات، المرفرفين في اثيرها، لا يعرف المواطن (الضحية) لهم وجها، يتمايلون على ايقاع  الوسيلة الاعلامية ورغبات مشايخها !

 أبو مازن قائد يناضل لانقاذ الناس من دائرة الظلم والموت العبثي الى دائرة العدالة والحياة، ليس كمن يرفع كرسي زعامته ويرسم هالة قيادته على انقاضهم وجثثهم، يصارع المستحيل لحماية الناس، لا يحتمي بهم.

لم تكن السلطة الوطنية الفلسطينية هدفا استراتيجيا، وانما هدف مرحلي لنقل الشعب الفلسطيني نحو الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة بعاصمتها القدس، ومن هنا بدأ رفع الشعب الفلسطيني اركان مؤسساتها كنواة للدولة على أرضه، وفرضها بنضاله وارادته، كسلطة تعبر عن كينونته كشعب، بقدراته ابداعية وجدارة كبقية شعوب العالم بقيام دولته الحرة الديمقراطية، لكن الاحتلال الاستيطاني ما زال يسعى لتحويلها لسلطة مجردة من المسؤولية القانونية، ورموز السيادة؛ لذا نناضل كلنا وعلى رأسنا ابو مازن لعدم اسقاط دماء الشهداء في مستنقع حماس واسرائيل وعرابهما بلير.

  اسرائيل وحدها المسؤولة عن تداعيات تهويد القدس، وجرائم الارهابيين المستوطنين، واغتيالات جيشها لشباب فلسطين، وكذا اجراءاتها المالية والاقتصادية والسياسية والاحتلالية والاستيطانية وجرائمها بحق المواطنين الفلسطينيين على أرض الدولة الفلسطينية المحتلة.

يسمع ويقرأ الاسرائيليون على اختلاف شرائحهم الوان الطيف السياسي في اسرائيل تحذيرات الرئيس عباس، لعلهم يضغطون على حكومتهم، ليدركوا ان سياسة حكومة دولتهم ستجلب لهم وللمنطقة مصيرا مجهولا اذا ظلت اسرائيل دولة احتلال، وتعمل على تدمير آمال الشعب الفلسطيني وايمانه بالسلام.

يجب ان يدرك الاسرائيليون العاديون أن زعماء احزابهم وقادة جيشهم لن يكونوا بمكانتهم على على اشلاء الفلسطينيين والاسرائيليين معا، فالاحتلال ارهاب، والاستيطان لا شرعية له اطلاقا، وباطل حسب القانون الدولي، واحراق العائلات والاطفال منهج الهمجيين، وان المسؤولية الأخلاقية تحتم على المجتمع الاسرائيلي الضغط على حكومته لتخطو مع قيادة الشعب الفلسطيني نحو عملية سلام ناجعة تفضي الى حل دولتين. فانهاء الاحتلال وايقاف الاستيطان، والاعتراف بدولة فلسطين وحق الشعب الفلسطيني بقيام دولته المستقلة ذات السيادة بعاصمتها القدس، هي آليات لا بد من تنفيذها لانتاج  مفتاح السلام بالمنطقة والعالم.