السمة الدينية العامة للشعب العربي الفلسطيني تتوزع كالتالي: غالبية إسلامية من اهل السنة ثم المسيحيون من اتباع المذاهب المختلفة واقلية من الدروز الموحدين واقلية يهودية من السامريين وجماعة ناطوري كارتا. لان باقي اتباع الديانة اليهودية انصهروا في دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، وباتوا جزءا منها.
حافظ اهل السنة الفلسطينيون على ذاتهم، ولم يظهر بينهم أتباع للطائفة الشيعية، رغم ان سكان بلاد الشام: سوريا لبنان والاردن، التي تعتبر فلسطين جزءا اصيلا وطبيعيا من مكونها ونسيجها الاجتماعي والديني، حملت بين ثناياها اتباع للطائفة الشيعية بمذاهبها المختلفة. غير ان ذلك لم يؤثر في أهل فلسطين. الاساس المنطقي لعدم اهتمامهم بالمسألة الطائفية او حتى الدينية عموما، يعود لانشدادهم الكلي لمواجهة خطر الاستعمار البريطاني والمشروع الكولونيالي الصهيوني، الذي أسس ركيزته الاستعمارية "إسرائيل" على انقاض نكبتهم في العام 1948.
لكن بعد انتصار الثورة الايرانية في 1979، وإعلان مرشدها الخميني عن تصدير الثورة ببعدها الطائفي "الشيعي"، عملت اجهزة ومؤسسات الدولة الايرانية على تغذية وتعزيز وجودها في دول الاقليم الشرق اوسطي كله من باكستان إلى المغرب العربي، وان ركز ملالي الحكم الايراني على دول وشعوب الوطن العربي لاعتبارات قومية تاريخية، ولتحقيق ذلك، رفعت شعارات "دعم المقاومة" وانشأت "فيلق القدس"، وباتت فلسطين جزءا اساسيا من خطابها الثيوقراطي، محاولة الاستفادة من مكانة القضية للدخول للكل العربي وليس لفلسطين فقط. حاولت في البداية الاستفادة من العلاقة الكفاحية بين الشعبين والقيادتين الايرانية والفلسطينية، وكان الرئيس الشهيد ابو عمار، من اوائل الزعماء، الذين زاروا إيران، والتقى الخميني، الذي امر باغلاق السفارة الاميركية، واستبدلها بالسفارة الفلسطينية. لكن القيادة الفلسطينية بقدر ما حرصت على تمتين العلاقة مع الجمهورية الاسلامية، بقدر ما حرصت على إيجاد مسافة بينهما، لانها أدركت بحساسيتها السياسية العالية مآرب قومية وطائفية في توجهات مرشد الثورة الايرانية، وكأن لسان حاله آنذاك، استخدام دعم الثورة الفلسطينية كدرع لاختراق حصون الامة العربية لحساباتها الفئوية، المتناقضة مع تطلعات المشروع القومي العربي.
وإذا تم تسليط الضوء على حركة "صابرين"، فإن إيران، عملت بشكل حثيث على ترسيخ وجودها في النسيج الوطني والديني الفلسطيني، مستفيدة من الدعم، الذي تقدمه لحركتي الجهاد الاسلامي و"حماس"، بعد ان فقدت الامل باستعمال الثورة الفلسطينية لتحقيق مآربها. وسعت لتكريس حضورها عبر الدعم المالي والعسكري والانساني عبر الجمعيات الخيرية. إضافة لما مثلته تجربة حزب الله اللبناني، الذي عزز مكانة إيران في المشهد العربي.
في اعقاب سلسلة من التطورات، وتعاظم الدعم الايراني للقوى الفلسطينية تم إيجاد البيئة المناسبة لتأسيس اول حركة شيعية في فلسطين، هي حركة "الصابرين نصرا لفلسطين" (حصن) رسميا ظهرت في فلسطين في مايو / ايار 2014 في قطاع غزة. التي ظهرت أثر تشييع احد اعضائها، نزار عيسى، الذي قتل نتاج انفجار داخل مخزن للصواريخ في مخيم جباليا. واعتبرته شهيدها الاول، واحد قادتها.
غير ان البدايات الاولى لمظاهر التشيع، كانت قبل عقد من الزمن، عندما تشيع عدد من قادة وكوادر حركة الجهاد الاسلامي، إلآ ان البداية كانت في 2008 عندما اعلن تنظيم عن نفسه، انه "حزب الله الفلسطيني" في الضفة الفلسطينية، لكنه نفى عن نفسه صفة التشيع. لاحقا اطلقت خلية فدائية على نفسها، اسم خلية "عماد مغنية"، احد قادة حزب الله، الذي اغتالته اسرائيل، واعلنت مسؤوليتها عن عدد من العمليات، لكن تبين انها تابعة لحركة "فتح". وقبل الانقلاب تمكنت الشرطة الفلسطينية من اكتشاف مجلس عزاء يقيمه عشرات في ذكرى اربعينية الامام الحسين شمال القطاع. كما شهدت مدينة خان يونس في الاونة الاخيرة اشتباكات بالايدي ثم بالسلاح بين اتباع شيخ سلفي وشباب ينتمون للجهاد الاسلامي (.....)
حركة "صابرين" او (حصن) لا يعرف احد عددهم، لكن وفق مراقبين، الحركة في ازدياد وتوسع بين الشباب الفلسطيني، وتتمتع بتسليح جيد. يوجد للحركة مجلس شورى، لا يعرف عددهم، يرأسه شخص يدعى "ابو محمد"، لكن يعتبر المؤسس لحركة "صابرين" وامينها العام، هو هشام سالم، الذي كان يحتل موقعا قياديا في حركة الجهاد الاسلامي.
يتبع غدا