أعد محققون وخبراء قانونيون ملفات يمكن على أساسها توجيه اتهامات إلى الرئيس السوري، بشار الأسد، ومعاونين بارزين له بارتكاب جرائم حرب، وذلك بناء على وثائق رسمية تم تهريبها من دمشق، وفق ما ذكرت لجنة دولية يوم أمس الأربعاء.

وكشفت لجنة العدالة والمساءلة الدولية ردا على سؤال لوكالة فرانس برس عبر البريد الألكتروني أنها أعدت ثلاث قضايا ضد النظام بسبب ارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الانسانية، مشيرة إلى أنها تواصل عملية جمع الأدلة ضد آخرين داخل النظام وفي المعارضة.

وكانت صحيفة 'ذي غارديان' البريطانية كشفت هذه المعلومات.

وأوردت الصحيفة أن الملفات تستند بشكل كبير الى وثائق حكومية، تمكن فريق من خمسين محققا سوريا من تهريبها على مدى ثلاث سنوات من سوريا مخاطرين بحياتهم. 

وبات لدى اللجنة نحو نصف مليون صفحة من الأدلة. وقد وظفت أشخاصا إضافيين من أجل مشاهدة ساعات من الأدلة الواردة في أشرطة فيديو حول جرائم حرب مفترضة ارتكبتها مجموعات تقاتل ضد النظام السوري ومجموعات جهادية بينها تنظيم الدولة الإسلامية.

وتركز الملفات الثلاث بشكل أساسي على قمع النظام الدموي للاحتجاجات الشعبية التي اندلعت ضده عام 2011 والتي تطورت في وقت لاحق إلى نزاع مسلح أسفر عن مقتل أكثر من 220 ألف شخص خلال أربع سنوات.

ويستهدف الملف الأول الأسد وخلية إدارة الأزمة التي شكلها في بداية الاضطرابات، فيما الثاني موجه ضد مكتب الأمن الوطني الذي يضم قادة الاستخبارات والأمن.

أما الملف الثالث فيطال لجنة الأمن المسؤولة عن محافظتي دير الزور (شرق) والرقة (شمال)، ويرتكز على وثائق مهربة تكشف بالتفاصيل 'دقة الأوامر لسحق الانتفاضة الشعبية التي انطلقت من دمشق إلى بقية المحافظات'، كما تقول الصحيفة.

وذكرت 'ذي غارديان' أن البيروقراطية الإدارية المتبعة في سوريا واعتماد التقارير المكتوبة جعل من السهل توثيق الجرائم المرتكبة وتحديد من تولى أصدار الأوامر.

وكتبت أن 'هوس النظام بتوثيق الأوامر أثناء تنقلها بين كل مستويات القيادة والتقارير التي تتدفق في وقت لاحق إلى القيادات حول تنفيذ هذه الأوامر، قادت بشكل غير متوقع إلى الكشف عن دور السلطة المركزية في دمشق' في هذه القرارات.

وتضمنت الوثائق الرسمية معلومات حول كيفية تنظيم النظام نفسه خلال الحرب، وكشفت أن خلية إدارة الأزمة تجتمع بشكل يومي وترفع محاضر اجتماعاتها مباشرة إلى الأسد  لمراجعتها قبل أن يتم تمريرها إلى سلسلة القيادة.

وتظهر الوثائق أيضا أن حزب البعث الحاكم في سوريا هو 'المنفذ' الرئيسي للقرارات، وأن أساليب التعذيب ذاتها استخدمت في محافظات مختلفة، ما 'يوحي بوجود بسياسة مركزية' تحدد التوجهات.

وعلى الرغم من جمع اللجنة ادلة تفصيلية وتلقيها تمويلا من دول غربية عدة، لكن فريق عملها يدرك، وفق ما يقول للصحيفة، انه في الوقت الراهن، لن تنظر أي محكمة في القضايا التي أعدها.

واستخدمت روسيا، حليفة النظام السوري، حق النقض (فيتو) مرات عدة ضد مشروع إحالة التحقيقات في شان النزاع السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، وقد تتطلب أي محاسبة قانونية بعد الحرب سنوات طويلة.

ويقول الخبير في العدالة الدولية مارك كيرستن، ومقره لندن، إن لا شيء يوحي بوجود اتجاه لإنشاء محكمة خاصة بالجرائم في سوريا كما حصل في يوغوسلافيا السابقة.

وأضاف أن 'أشخاصا مثل بشار الأسد هم أخيرا موضع اتهام، لكن ظروف النزاع الحالي تعيد إليه الاعتبار'.

واوضح أن 'الدول التي لا بد منها لإنشاء محكمة خاصة أو لإقرار صلاحية المحكمة الجنائية الدولية في النظر في الملف السوري (...) غيرت لهجتها' تجاه النظام.

وتابع 'نشهد اليوم اعترافا، علنيا أحيانا، بأن الأسد شر لا بد منه للتوصل إلى حل سياسي' في سوريا.