في أيلول 2013 اعلن الرئيس الأميركي باراك اوباما عن منصة الأمم المتحدة "ان العالم اكثر استقرارا اليوم مما كان عليه قبل خمس سنوات". لكن بعد مرور سنة وجد الرئيس الأميركي نفسه في الخط الأول في عالم تعمه "فوضى عارمة".
ورسم اوباما الأربعاء مشهدا قاتما امام نظرائه المجتمعين في نيويورك في اطار الجمعية العامة للأمم المتحدة فذكر وباء ايبولا الذي "يهدد بعبور الحدود بشكل سريع"، و"عدوان روسي في اوروبا" يذكر بحقبة "كانت الأمم الكبرى تدوس الصغرى" و"وحشية الارهابيين" في سوريا والعراق التي تفرض "النظر في قلب الظلمات".
وبعد انتخابه في 2008 على أساس وعد بالانسحاب العسكري من العراق وافغانستان، تقدم اوباما هذه السنة امام الجمعية العامة للأمم المتحدة بصفته "قائد تحالف".
ودعا اوباما الى التعبئة من أجل "نفكيك شبكة الموت" التي اعلنت اقامة الخلافة في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في سوريا والعراق.
وقال اوباما في خطابه شديد اللهجة من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ان "اللغة الوحيدة التي يفهمها القتلة مثل هؤلاء هي لغة القوة"، مشيرا الى "الرؤية المروعة" للجهاديين المتطرفين الذين يريدون تقسيم العالم بين من يوافقون على اتباعهم بشكل اعمى وبين الكافرين.
واعتبر جيريمي شابيرو من مؤسسة بروكينغز في واشنطن ان اوباما الذي ابدى دوما رغبته في طي صفحة اكثر من عقد من الحرب، كان ليفضل بلا ريب عدم اقحام القوة العسكرية الأميركية في نزاع جديد في الشرق الأوسط.
الا انه اعتبر ان الصورة التي يبرزها الخصوم السياسيون لأوباما غالبا على انه "رئيس مثالي وساذج" لم تصمد امام المواقف التي اتخذها منذ وصوله الى البيت الأبيض قبل ست سنوات، لا سيما في الخطاب الذي القاه لدى تلقيه جائزة نوبل للسلام في كانون الأول 2009، عندما تحدث عن حق في الحرب. وقال شابيرو "ان كان هناك فعلا لحظة للتركيز فيها على المثالية فلكانت تلك. لكن ذلك الخطاب كان على عكس ذلك تماما".
وقال اوباما لدى تسلمه الجائزة المرموقة "القول ان الحرب ضرورية احيانا ليس دعوة للاستخفاف (بالمعايير الأخلاقية) انه اقرار بالتاريخ، وبعيوب الانسان وحدود العقل". وتابع آنذاك "نعم ان ادوات الحرب لها دور لتلعبه من أجل صون السلام".
ويبدو ان هذا الدور ك"قائد للتحالف" قد يكون انعكاسه ايجابيا من الناحية السياسية خصوصا وان غالبية الأميركيين الذين تأثروا خصوصا بقطع رأس صحفيين اميركيين خطفا في سوريا تؤيد الضربات الجوية الحالية.
لكن مفعول ذلك قد يكون لفترة قصيرة مع استمرار هذه العملية المحاطة بالعديد من نقاط التساؤل خاصة فيما يتعلق بسوريا حيث باتت الادارة تتقاسم عدوا مشتركا مع الرئيس السوري بشار الأسد.
ولفت شابيرو الى ان "هناك دوما مفعولا (جامعا حول العلم) في بداية التدخلات العسكرية"، مستطردا "لكن بعد ثلاثة أو ستة أشهر ان لم يكن النجاح مؤكدا فان ذلك يضمحل بصورة منهجية".
وان كانت الضربات الجوية تحظى في الوقت الحاضر بتأييد واسع من الطبقة السياسية الأميركية فان بعض الجمهوريين ينددون بغياب استراتيجية عسكرية حقيقية على المدى المتوسط في هذه الحرب على عناصر تنظيم الدولة الاسلامية التي قد تستمر الى ما بعد مغادرة اوباما البيت الأبيض في كانون الثاني 2017.
وهكذا رأي السيناتور ليندسي غراهام في خطاب الرئيس امام المجتمع الدولي فرصة ضائعة. وقال "ان الرئيس اوباما قال محقا ان الاسلاميين المتطرفين لا يفهمون سوى لغة القوة" لكن "عندما يتعهد بعد ذلك بعدم استخدام قوات برية ضد تنظيم الدولة الاسلامية فهو يشجع العدو".