بقلم/ د. سليم نزال

من أهم الانجازات على المستوى النظري التي قامت بها حركة فتح لدى انطلاقتها انها قدمت رؤيا فلسطينية واضحة لطبيعة الصراع.

لقد حددت أولا ان النضال ضد الصهيونية قائم على اساس مقاومة الظلم الذي تعرض ويتعرض له الشعب الفلسطيني،كما حددت ان الصراع موجه ضد  الفكر الصهيوني الاستيطاني وليس ضد اليهودية كدين.

 الاهمية التاريخية والسياسية لهذه الرؤى  المبكرة هى انها وضعت الصراع فى اطاره الحقيقي  الا وهو صراع من اجل الحرية والاستقلال وليس صراعا دينيا .

لذا فإن اهمية هذا الطرح النظري وقتها انه كان يسحب البساط من تحت قدمي الصهاينة الذين يحاولون تصوير الصراع فى فلسطين، وكأنه ليس كفاح شعب من اجل الحرية والاستقلال .

 وعلى اساس هذا الوضوح النظري نجحت الثورة الفلسطينية رغم  الحصار الصهيوني الاعلامي، بحكم التأثير الصهيوني القوي فى امريكا واوروبا، خاصة فى السبعينيات والثمانينيات، نجحت فى استقطاب قوى  لا يستهان بها فى الغرب من الذين يؤيدون حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني. وكل ما عاصر تلك الفترة كان يرى وفود المؤيدين لفلسطين القادمين من كافة انحاء العالم لزيارة  الثورة الفلسطينية لاجل  التأكيد على الوقوف معها .

لكن بعد الثمانينيات وبروز الخطاب  الديني، بدأت هناك بعض الطروحات التي تصور الصراع من منظور ديني، الامر الذي اضعف  بعض الشيء  من  الالتفاف العالمي من قوى التحرر حول القضية الفلسطينية.

ولقد اتيحت لي الظروف ان  اكون قريبا من القوى الاوروبية المؤيدة  لحقوق الشعب الفلسطيني وكنت ارى بوضوح  الاثار السلبية لتصوير كفاح الشعب الفلسطيني  خارج اطار  نهج حركة التحرر الوطني.

ولقد سعت الصهيونية بكل امكاناتها للاستفادة  من هذا الامر وذلك عبر تصوير الشعب الفلسطيني وكأنه مجموعة من المتعصبين المعادين للحضارة.

وكلنا يذكر ذلك الشريط  الذي بثته اسرائيل و سوقته عالميا لمجموعة من الشباب الفلسطينيين، و هم يرقصون  بعد سماعهم تفجيرات البرج فى نيويورك عام 2001. وسواء كان هذا الشريط عمل فوتو شوب او من بعض الجهلاء، الا انه يدل بوضوح على المرامي الصهيونية الساعية ابدا  لتشويه  صورة كفاح الشعب الفلسطيني .

 لذا لا بد من التأكيد دوما على طبيعة الكفاح الذي يخوضه الشعب الفلسطيني.انه ليس حربا دينية، بل هو  كفاح من اجل الحرية والاستقلال، وعودة المطرودين الى بيوتهم .وكل هذا امر منصوص عليه فى قرارات الشرعية الدولية   التي لم تحترمها اسرائيل يوما .

بعد قرن كامل من الآلام والتضحيات، وبعد 66 عاما من النكبة لا بد ان يظل الخطاب الوطني الفلسطيني خطاب  حركة تحرر وطني،  خطاب شعب يسعى  للخلاص  من الاحتلال ، وشعب  يتوق لنيل حريته لكي  يعيش  بكرامة فى وطن الاباء و الاجداد.