يكشف القضاء الاسرائيلي مجددا، انه اسير المنطلقات الكولونيالية ألصهيونية ولم ولن يرقى لمستوى القضاء المستقل في اي دولة من دول العالم المتقدم. والمرات القليلة، التي يحاول فيها القضاء الاسرائيلي ألظهور بمظهر ألموضوعية و « ألاستقلالية عن مؤسسة دولة الابرتهايد الإسرائيلية تهدف لتضليل الرأي العام الاسرائيلي والفلسطيني والعالمي، للتغطية على ارهاب الدولة الصهيونية المنظم.

بالأمس حينما ردت المحكمة المركزية في حيفا دعوى عائلة راشيل كوري، الناشطة الأميركية التي قتلتها جرافة الاحتلال الاسرائيلي في 16 مارس/ آذار 2003، وهي تحاول ايقاف جريمة هدم احد المنازل الفلسطينية في مدينة رفح، وبرأ القاضي الصهيوني جيش الاحتلال الاسرائيلي من عملية القتل لكوري مدعيا انها (كوري) «ورطت نفسها في الحادث»!؟ كما انه ادعى, ان جيش الموت الاسرائيلي حذرها وزملاءها من التصدي لقرار الهدم للمنزل الفلسطيني، بالامس كشفت المحكمة المركزية تواطؤ القضاء المباشر مع سياسات حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة.

وهو ما كشفه بشكل غير مباشر، حتى قبل عقد جلسات المحكمة، السفير الاميركي في إسرائيل، الذي التقى اسرة راشيل، وأكد: «ان تحقيق الجيش الاسرائيلي في مقتل الناشطة راشيل كوري في غزة عام 2003 لم يكن كافيا، او شفافا او ذا مصداقية».

كما أكد على ان حكومة الولايات المتحدة ليست راضية عن سير ألتحقيق الذي اجراه الجيش الاسرائيلي، كما انها ليست راضية عن اغلاق التحقيق في جريمة قتل راشيل.

غير ان تصريح السفير الاميركي حول الجريمة الاسرائيلية ضد المواطنة الاميركية لا يكفي، ولا يعكس الموقف الاميركي تجاه اي مواطن اميركي يتعرض للاختطاف وليس للقتل. فكما هو معروف، ان الولايات المتحدة، حين يتعرض اي مواطن اميركي للخطر او التهديد في اي دولة من دول العالم، فانها تقيم الدنيا ولا تقعدها ضد الدولة وقياداتها السياسية والامنية، وتتخذ سلسلة من الاجراءات والعقوبات ضدها. إلا ان ردة فعلها على ما جرى في رد الدعوى، التي رفعتها عائلة كوري على سلطات الاحتلال الاسرائيلية، تكشف عن موقف سلبي، لا يمت بصلة للمواقف الاميركية المعهودة تجاه مواطنيها. الامر الذي يفرض على الادارة الاميركية مطالبة الحكومة الاسرائيلية فتح التحقيق مجددا في قضية الناشطة اليهودية الاميركية راشيل، لاعادة الاعتبار للانسانة المناضلة كوري، ولحماية حقوق الانسان التي استباحتها اسرائيل منذ وجودها ونكبة الشعب العربي الفلسطيني في عام 1948 وحتى الآن، ليس فقط ضد ابناء الشعب الفلسطيني وانما ضد انصار السلام من الاسرائيليين والامميين.

رغم ان عائلة كوري، اعلنت انها لم ترفع الدعوى لاغراض مالية، ولا تريد تعويضا، وانما ارادت فضح جرائم إسرائيل وارهابها المنظم ضد الشعب الفلسطيني وانصار السلام، إلا ان الضرورة تملي على القيادة الفلسطينية وقوى السلام في اسرائيل ودول العالم قاطبة مواصلة رفع الدعاوى ليس فقط على استشهاد راشيل كوري (23 عاما) تحت جنازير الجرافات التدميرية، وانما على جرائم الحرب، وارهاب الدولة الاسرائيلية المنظم ضد ابناء الشعب الفلسطيني وانصار السلام، لتقديم قادة الدولة الاسرائيلية من السياسيين والعسكريين الى المحكمة الجنائية الدولية ومحاكم البلدان، التي تسمح انظمتها وقوانينها محاكمة مجرمي الحرب. لأن اسرائيل باتت تهدد السلم في المنطقة من خلال قياداتها المعادية للسلام، وارتكابها الجرائم والمذابح والانتهاكات الخطيرة اليومية وعلى مدار الساعة ضد ابناء الشعب الفلسطيني ومصالحهم واهدافهم الوطنية. وتضرب ركائز السلام وامكانية خلق مناخ ملائم للتعايش بين شعوب المنطقة.

مجددا القضاء الاسرائيلي يقتل راشيل كوري دون اي معيار اخلاقي او قيمي, متجاوزا (القضاء) مواثيق وقوانين حقوق الانسان، التي اقرتها البشرية وهيئة الامم المتحدة؛ وضاربا عرض الحائط باستقلالية القضاء؛ ومؤكدا (القضاء الاسرائيلي) انحيازه الكامل لخيار الاستعمار والابرتهايد والكراهية وصناعة الموت للانسان الفلسطيني والاممي والاسرائيلي نصير السلام. وهو ما يشي مرة تلو الاخرى بملامح مرحلة اكثر بؤسا وعنصرية وفاشية في الدولة الاسرائيلية المارقة والخارجة على القانون.