في أجواء انغلاق الأفق أمام عملية التسوية السياسيةعلى المسار الفلسطيني - الاسرائيلي سعت الادارة الأميركية كراع اساسي لعملية السلام،ومن موقعها المركزي في اللجنة الرباعية، ومن خلال علاقاتها بالقوى الاقليمية والعربيةإلى إعادة القيادة الفلسطينية الى طاولة المفاوضات المباشرة مع الجانب الاسرائيلي دونإلزام حكومة اليمين المتطرف بوقف البناء الكامل في المستوطنات الاستعمارية المقامةعلى الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، او وفائها بأي استحقاق من استحقاقات التسوية،وحتى غض النظر عن عدم تقديمها رؤيتها ووجهة نظرها بشأن ملفي الحدود والامن.

لكن القيادة الفلسطينية، أكدت طيلة الفترة المنصرمةمن توقف المفاوضات (وهي بالمجمل زمن تولي الحكومة الحالية لمهامها قبل ثلاثة أعوامونصف العام، باستثناء لقاءات شكلية جمعت الرئيس ابو مازن مع نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيللم تقدم او تؤخر نتيجة اصرار حكومة اليمين الصهيوني المتطرف) على ضرورة إلزام إسرائيلبمرجعيات التسوية، وبالاقرار الواضح والصريح بخيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابعمن حزيران 67. ولم ترفض مبدأ المفاوضات، بل أكدت عشرات المرات بلسان الرئيس عباس علىاستعدادها العودة فورا لطاولة المفاوضات عندما تعلن الحكومة الاسرائيلية التزامها بماورد أعلاه.

مع ذلك واستجابة من الرئيس محمود عباس وأركان القيادةلتدخل الملك الاردني عبدالله الثاني، وافقت في يناير الماضي على اجراء لقاءات استكشافيةمع ممثلي حكومة اسرائيل بحضور ممثلي الرباعية الدولية وتحت الرعاية الأردنية. وطلباعضاء الرباعية ان يبادر كل طرف بتقديم رؤيته لملفي الحدود والأمن. ففعلت القيادة الفلسطينية،وقدمت تصورها، ولكن مولخو ممثل رئيس وزراء إسرائيل، لم يقدم شيئا، لا بل قدم أسئلةللقيادة مفادها رفض اسرائيل الانسحاب الى حدود الرابع من حزيران 67، رفض مناقشة ملفالقدس، رفض عودة اللاجئين، التأكيد باستمرار السيطرة على الاغوار... الخ في اعقاب خمسةلقاءات استكشافية في عمان تبين إن إسرائيل ليست جاهزة لاحداث أي تقدم ولو كان محدودافي مسار التسوية السياسية.

رغم هذا الوضوح العميق في الموقف الاسرائيلي المعاديلخيار حل الدولتين للشعبين، وفي ظل استشراء تهويد ومصادرة الاراضي الفلسطينية، وتهديدالمشروع الوطني برمته، فإن بعض العرب ما زال يسعى للضغط على القيادة الفلسطينية لاعادتهاللقاءات الاستكشافية مع الاسرائيليين دون الحصول على أي تعهد إسرائيلي بالالتزام باستحقاقاتالتسوية. وهذا المسعى له اعتبارات خاصة عند بعض الاطراف العربية، عنوانها حرص بعض الاطرافعلى الحصول على شهادة حسن سير وسلوك لدى الادارة الأميركية، التي تواطأت اجهزتها الامنية (CIA) علىاولئك العرب، وباعتهم مسبقا للجماعات الاسلامية وخاصة تنظيم الاخوان المسلمين. مع علمهمالمسبق (العرب) ان إسرائيل في حال واصلت عملية التهويد والمصادرة للارض الفلسطينية،وضربت خيار حل الدولتين للشعبين على حدود 67، فإنها تستهدف مكانة اولئك العرب قبل غيرهم،كما ان العودة لأية لقاءات استكشافية مع حكومة نتنياهو، تضعف القيادة الفلسطينية، وتبهتمن مكانتها، وتهدد المصالح الفلسطينية العليا.

لذا على العرب الكف عن الضغط على المعصم الفلسطيني،والنظر للامور بشمولية أعمق لادراك الاخطار المحدقة بالمشروع الوطني والمصالح القوميةوحتى مصالح الولايات المتحدة ذاتها. لان حكومة نتنياهو ليست بوارد الالتزام بأية استحقاقات،لذا لا داعي لمنحها صكوك غفران مجانية وعلى حساب المصالح الفلسطينية والعربية والأممية.المطلوب من العرب واقطاب العالم وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الضغط على حكومة قطعانالمستوطنين الاسرائيلية لوقف جرائمها وانتهاكاتها وتهويدها ومصادرتها للاراضي الفلسطينية،وارغامها على الالتزام بخيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران 67. فهليتوقف العرب عن الضغط على القيادة الفلسطينية؟