فضلت 'حماس'/ غزة اتفاقاً، يخفف من مشكلة الكهرباء والوقودفي غزة، على اتفاق كان يمكن أن يحل المشكلة بالكامل، وذلك لعدة أسباب منها ما هو ذوطبيعة سياسية ومنها دوافعه مالية بحتة، وهي لا تعرف انه لم يعد هناك شيء يمكن إخفاؤهعن المواطن الذي يعاني جراء حكم 'حماس' في غزة، وبسبب سياستها التي تذهب لتحقيق مصالحالعديد من المتنفذين في الحكم وعلى المستويين ما هو فوق الأرض وما هو تحتها!من المعروفأن 'حماس' والسلطة حاولتا حل مشكلة الكهرباء والوقود في غزة من خلال عقد اتفاق مع الأشقاءالمصريين، يتم بموجبه تزويد القطاع من احتياجاته على هذا الصعيد، أو على الأقل حاجةمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع والتي تحتاج دخول الوقود إلى غزة لتشغيلها،ومن المعروف للجميع أن كل كهرباء غزة كانت قبل سلطة 'حماس' تأتي من الجانب الإسرائيليأن كان من خلال شبكة الكهرباء الإسرائيلية مباشرة، كما كان الحال قبل تشكيل السلطة،أو من خلال تشغيل المحطة بالوقود الإسرائيلي أيضاً، وان ذلك كان إرثاً احتلالياً .وان دخول الوقود المصري وحتى مد غزة بنحو 20 ميجا وات من الكهرباء المصرية لم يتم إلابعد وصول 'حماس' إلى حكم غزة، وتم أيضاً بشكل غير رسمي وبدافع تخفيف الحصار ومنع انهيارالحياة في غزة بعد أن أحكمت عليها إسرائيل الحصار منذ عملية كرم أبو سالم التي أسرعلى أثرها الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت.كذلك الجميع يعرف بأن كل ما يدخل غزة من بضائعمصرية إنما يأتي من سيناء وان معظم السلع الأساسية هي مدعومة من الدولة للمواطن المصري،لذا كانت تأتي بأسعار زهيدة، وكان الوسيط (تجار الأنفاق، وهم سلطة العسكر، القساميينبالأساس) قد تحولوا مع تجارة الأنفاق إلى أثرياء، لذا فإن غزة التي عانت من إغلاق المعابرلم تكن تشعر بفارق السعر الذي يجبيه هؤلاء الوسطاء عبر ملكيتهم وسيطرتهم على الأنفاق،لأنهم قبل ذلك كانوا يستهلكون السلع الإسرائيلية والتي هي أكثر جودة لكنها أغلى سعراً،والسبب هو رخص السلع المصرية أصلاً وان كانت تباع في غزة بضعف وربما بثلاثة أضعاف سعرهافي مصر.وربما أيضاً أن رخص البضائع المصرية، خفف من شدة البطالة والفقر، ومنع أهل غزة،على مدار خمس سنوات من 'الثورة' على نظام حكم 'حماس'.ما حدث أن مصر وخلال أكثر من عامواجهت ركوداً ومشاكل اقتصادية حقيقية بفعل الثورة على النظام السابق ولعدم استقرارالبلاد بعد، بحيث تلاحظ أزمة الوقود فيها من خلال طوابير السيارات والناس على محطاتالوقود، لذا كان من الطبيعي أن يتأثر ما يدخل قطاع غزة من وقود يغطي معظم حاجتها لتسييرالمركبات أو لغاز الطهي وكذلك لتشغيل محطة الكهرباء، وحين توجهت 'حكومة غزة' إلى مصرلحل هذه المشكلة، كان من الطبيعي أن يتحول الحديث إلى الشكل الرسمي للمعالجة، وهنانجم أمران لم تقبلهما 'حماس' / غزة.الأول هو أن يتم تحديد سعر للوقود، وفق السعر العالمي،والثاني أن يتم توقيع الاتفاق مع الجانب الفلسطيني الرسمي.هنا لابد من الإشارة إلىأن غزة محكومة من قبل 'حماس' وفق مستويين: الأول: الحكومة الرسمية التي لديها وزاراتومؤسسات وأمن داخلي وشرطة وما إلى ذلك، وهي التي تجبي الضرائب لتدفع مرتبات هؤلاء الذينيدينون بالولاء لها، وهم مصدر نفوذها وقوتها. والثاني: القوة العسكرية، 'القسام'، والذييسيطر على الأنفاق، ومن الطبيعي أن يكون هناك تضارب مصالح بين الطرفين، حيث من مصلحة'الحكومة' أن تمر البضائع والأشخاص وكل شيء من فوق الأرض، أي بشكل رسمي، حتى تدخل خزينتهاالضرائب وتجمع الأموال، في حين مصلحة عسكر الأنفاق أن تظل الممرات من تحت الأرض، ويقينالو أن الجانب المصري يمكنه أن يتجاوز المحظور السياسي الناجم عن عقد اتفاق حول الوقودوالكهرباء مع حكومة هنية لأنفجر الخلاف بين السلطتين أو القوتين.الطرفان ليس لهما مصلحةفي أن ينتهي الانقسام ولا في أن تكون سلطة أبو مازن على المعبر، ولا يهتمان، خاصة سلطةالأنفاق، بحل مشكلة للمواطنين ما دام الحل لا تترتب عليه أرباح أو مكاسب مالية ومباشرةلهما أو لأحدهما.لذا فإن الاتفاق مع الجانب المصري لم يتم، لأنه كان سيرفع سقف ثمنالوقود، أي يلغي الدافع المالي من وراء تهريب البضاعة المصرية، والذي كان يمكن التضحيةبه لو كان هناك مقابل سياسي، أي أشارة مصرية بقبول كيان غزة من خلال عقد اتفاقية معحكومته!لذا فشل الحوار حول المسألة مع المصريين، وقد ذهب مبعوث حكومة فياض للقاهرة،مسؤول سلطة الكهرباء الفلسطينية، حتى يعقد الاتفاقية، لكن موفد 'حماس' لم يذهب، ورغمأن 'حماس' كانت قبل نحو أسبوعين أو على مدار أكثر من شهر حاولت أن تستخدم الضغط منخلال التشهير، لتحويل كرة النار عن ملاعبها، من خلال تسيير التظاهرات التي نددت تارةبمصر وتارة أخرى بعباس، إلا أن غزة بقيت غارقة في الظلام!مع قبول 'حماس' لاتفاق معالجانب الإسرائيلي لإدخال الوقود، ودون الخوض بتفاصيله يطرح السؤال، لماذا قبلت هنا'حماس' اتفاقاً عبر حكومة فياض في رام الله، بعد أن كانت قد رفضت اتفاقاً مشابهاً لهمع المصريين ؟الجواب هو لأن 'حماس' / غزة، ما زالت تمني النفس بإمكانية أن تفرض علىمصر في يوم من الأيام التعامل معها ككيان مستقل، وتعقد معها اتفاقيات، باعتبارها سلطةأمر واقع، على الأقل كما يحدث في المعبر، حيث تعترف مصر بختم خروج الحكومة المقالةعلى جوازات سفر المواطنين الفلسطينيين المسافرين.فيما تفضل أن تبقى السلطة في رام اللهالجهة التي تصلها بالجانب الإسرائيلي، على الأقل حتى تستمر في اتهامها بالتنسيق الأمنيوما إلى ذلك. ولأن الحل مؤقت، حيث يمكن أن يتوقف بعد أيام، أي حين وصول السولار القطري،والغريب في الأمر أن مسؤولاً في سلطة الطاقة بالحكومة المقالة دافع عن نية حكومته تحصيلأثمان الوقود القطري والذي هو هبة لغزة بالقول إنه هبة للحكومة!في كل الأحوال فإن شهرعسل 'حماس' / غزة مع السلطة قد انتهى على ما يبدو، ومن الواضح أن السلع التي كانت رخيصةلأكثر من سبب سترتفع أسعارها، حينها سيحرك الجوع ما كان ساكناً، وان لم يتحرك 'عقلاء' 'حماس' منذ الآن ويفرضوا تراجعاً على الشرهين من أثرياء الأنفاق، فإن ثورة غزة علىحكم 'حماس' قادمة لا محالة.