متى تساهم المقالة بكهرباء الضفة؟ ما واجب المقالة تجاه الضفة والقدس؟ كم تنفق على الشعب فيهما؟طغمة الحاكمين بغزة تسمي نفسها ' الحكومة الربانية' وكادت تنعت نفسها بهتانا ب حكومة الله - سبحانه عن أفعالهم. ومن يعارض 'حكومة ربانية' يعارض الرب المتعال حسب مفهومها السقيم. ومن يخالفها يخالف الإسلام. بمعنى أن درجة تقبلها للنقد اقل من صفر وإمكانية إقناعها بشيئ أقل من القليل أيضا. وآخر صرعات موضة القمع التي طلعت بها في غزة قوامها اعتقال كل من يتحدث في البيت أو الشارع أو في التاكسي عن أزمة الوقود! ومن يفعل ذلك يدفعونه 5000 شيكل! (!) ههههه -!! ويضربونه بالقنوة على رأسه او يبصقون عليه. والبصق حلال في خلقهم لأنه شكل من أشكال التعزير حسب تفسيرهم الحصيف. منظمات حقوق الإنسان في غزة مشغولة عن شجب ذلك بإحصاء ما يتساقط من الطيور من فضلات وهي تطير أو منشغلة بعد الزهور ونتف أجنحة الأقحوان وهي تقول: 'حولولي... ما حولولي.. صرفوا لي.. ما صرفوا لي'.. وهكذا والناس في غزة تذوب وجماعة 'الإنسان' يقبضون ويعدون.


آذار الأسود على حماس

لم يحدث أن فقدت حماس من مصداقيتها في شهر واحد ما يخردق سقف دارها بقيزان شبيح لا لين فيه كما حصل في شهر آذار المشهور بتقلباته الطقسية. وقد مرت حماس بمصائب علاقات عامة لا تحصى نستذكرمنها على سبيل المثال لا الحصر بعض الوقائع التي يذكرها القارئ بكل تأكيد:

1. عندما حلف أبو زهري يمينا أنه رأى الصاروخ الإسرائيلي بأم عينه يساقط حمما لظية على عرض عسكري لحماس في جباليا يوم 23 أيلول 2005 ويقتل 4 ويجرح العشرات. وتبين لاحقا أن سيارة لحماس كانت تحمل متفجرات في الموقع هي التي قتلت الناس.

2. عندما مسكوا أبا زهري نفسه مهربا في عبه 639 ألف يورو بمعبر رفح يوم 20 أيار 2006 ليفتح معه النائب العام تحقيقا بجلاجل.

3. عندما مسكوا أبا زهري يقبض في فيلم مصور من رجل فلسطيني رشوة بكيس محشو بالشواكل المصطفات الساخنات وبعضها قطع معدنية بمثابة الدفعة الاولى مقابل معلومات يدلي بها عن حركة المقاومة الإسلامية - جدا جدا.

4. عندما أثير السؤال كيف جاب أبو زهري دكتوراه من إيران بشهرين ويوم.

كل هذه مجتمعة لا تعادل نصف الحرج الذي انصب حمما على حماس في شهر آذار الذي جاء على غزة بحرب إسرائيلية فقالت حماس للجهاد كمن قال اذهب انت وربك فقاتلا. وجاء لها كذلك بافتضاح موقفها من نهب طاقة الشعب الكهربائية ونهب وقوده أيضا.


عند حماس آذار الاسود

ففي اول الشهر نجحت الجهاد الإسلامي في طرقعة أزرار ظهر حماس المحدودب من الخجل جيئة وذهوبا إذ قزمت منظمة الجهاد الإسلامي حماس إلى مجرد وسيط يتكلم بالأرقام والشيكات. احتلت الجهاد المسرح الميداني والشاشة ومسد متحدثوها لحاهم ومسجوا لساناتهم المباركة بطيب الذكر وأطلوا على الناس من غزة كما لو لم يكن فيها حماس! وشعر الناس أن ثمة حصان مخصي في الحارة – هكذا فكر البعض محقين. ولكن ما لونه قال آخرون؟ ومع اشتباك الجهاد بالإحتلال نظر الناس من حولهم وتساءلوا أين حماس؟ 'هناك'!! - صاح أحدهم. إنها مصر تقوم بدور الوسيط لتهدئة الأمور كي نواصل الترزق باسم الله. وسيط صار يترجى مصر أن تتوسط لدى إسرائيل أن تأتي 'الجهاد' على قد عقلها ولا تلاحق مجاهديها العابثين على ما تسميه حماس ولدنات صاروخية لا تؤذي أحدا. أي مثلها مثل صواريخ القسام والبتار والثرثار..

حتى أكبر المدافعين عن حماس نفض يده من كل واد هام به للتغني بحركة المقاومة التي تركت المقاومة. ولن تقاوم. فقد قالت السيده لفني بالعربي: 'بديش ولا صاغوخ (صاروخ)'. وبالفعل حسك عينك! حماس لم ولن تطلق أي صاغوخ مهما ادعى نشأت الأقطش أنها هي التي تدفع الجهاد لضرب الصواغيخ. أقصد الصواريخ طبعا. نشأت الأقطش شطور وهو صاحب شعار 2006: إسرائيل وأمريكا لا تريدان حماس فمن تريد أنت؟ وسنفرد له مقالا آخر قبل رمضان منعا لإبطال صوم القارئين وحياء القارئات عندما نفوت في التفاصيل.


النصف الأكثر سوادا في آذار- كارثة الكهرباء

بعد خسارة حماس دور البطل أمام الجهاد الإسلامي بسبب تقاعسها عن مواجهة العدوان خسرت معركة أخرى وهذه المرة ضد السلطة الوطنية والرأي العام. فلم يتبين للناس فقط أن حماس تنهب الكهرباء ولا تدفع شيئا لشرائها ولكن علم الناس أيضا أن السلطة وحدها تجلب النور إلى العالم الغزي والماء والغذاء والدواء والمعاشات والمواساة. وربحت السلطة الوطنية دور البطل الذي يؤمن الحاضر والمستقبل فهي تطير إلى مصر لرفعمساهمتها من الكهرباء وتتعهد -أي السلطة- بمد خط ناقل للغاز المصري إلى القطاع ثم في نفس المساء وفد آخر من السلطة إلى أوروبا لبحث مشروع لنشر حقول طواحين الهواء في الضفة وغزة والإستفادة كذلك من الطاقة الشمسية في الوقت الذي تستورد فيه حماس البابور لوقت الضيق القادم على يديها. وهكذا بدأت القصة:

كانت حماس تمشي في غزة. وفجأة انطفت الكهرباء. فصارت تتخبط. وبعد تسعين عثرة وألف سقطة لسان انتبهوا أن السبب في ذلك هو في وجهين:

الأول: إفراطهم في نهب كهرباء غزة لصالح مقراتهم وميليشياتهم ومكاتبهم وبيوت مسؤليهم.

والثاني: هو امتناعهم عن تسديد فواتيرجباية ثمن السولار الذي تستورده السلطة لكي تضيئ غزة عليهم بالخير والبركات.

وهكذا صاروا يصرخون: النور النور. الكهرباء الكهرباء. الخونة ..الخونه. مصر.. مصر فعلتها. السلطة فعلتها. فتح طفت الضو. إسرائيل.. أمريكا.. ميكرونيزيا. (سامي لا يعرف أين تقع ويظنها للآن نوع من الجبنة الدنماركية).

وفجأة فهم الناس أن السلطة الوطنية التي تدفع المعاشات في غزة هي التي تشتري للناس 70 % من الكهرباء من إسرائيل وتؤمن جزءا منها من مصر في اتفاق ثنائي وتساهم كذلك بصيانة محطة توليد الكهرباء وتخطط فوق كل هذا وذاك وما إليه لبناء انابيب تنقل الغاز المصري. سلطة دايتون. السلطة الكافرة. وصار هنية ينادي على فياض أن يصلح الكهرباء. والناس يتساءلون: طيب يا عمي مهوا انت بتقول عن حالك حكومة شرعية وفياض مش شرعي.. طيب ليش لازم يجيبلك كهرباء؟ الناس فهمت.

أي بجرة قلم انقشعت سحب التجهيل الخضراء التي لبدتها حماس سنيننا.

والآن يجري البحث في آليات جديدة. السلطة لديها أزمة مالية ولا تستطيع إنارة العالم كله. حماس تتحدث فقط عن حقها في كهرباء غزة التي نشتريها نحن ولا تساهم فيها حكومتهم الربانية 'المقالة' واللاصقة بالكرسي. ولكن يبقى سؤال:ما دور الحكومة المقالة (أي الحكومة المنتخبة بمفهوم حماس) في توفير الكهرباء للضفة مثلا؟ ألا تتبع الضفة للأرض المقدسة؟ أليست من مسؤلياتهم حسب مفهومهم؟ أليست الضفة جزءا من أرض المقدس وأكناف بيت المقدس؟ هل تعتقد حماس أنها حركة غزية فقط ولا مسؤليات لها في الضفة؟ لماذا لا تساهم حماس في مجهود السلطة العملاق في مجال الخدمات والتطوير وتوفير المرافق الحيوية في الضفة؟ من ينير الضفة إذن؟ ومذا عن القدس؟ لا جواب.

آذار أسقط آخر الكلوتات أي أوراق التوت. ولكن هكذا ظننا. فهناك حضيض بعد كل حضيض. ولكنهم فقدوا في كل شهر ورقة توت من بعد ورقة توت - أي كلوت - حتى ظنهم الناس لا بسبع أرواح بل بسبع كلوتات.

ومن يتخلى عن المقاومة- بمفهومها العسكري والشعبي. ومن يعجز عن توفير المعاشات وفتح الطرق وتوفير الخدمات والطاقة والكهرباء ويقعد عالة على شعبه كيف يتجرأ على فتح الابواب للجنة الإنتخابات لتقوم بتحديث السجل الإنتخابي؟ من له رصيد كهذا كيف سيواجه الناخبين؟ أبنهضة البناء التي أضطلعوا بها؟ أم بالعدل الذي نشروه؟السلطة تحكي عن الإنتخابات وفتح تريدها كما لو أنها ليلة عرس. لماذا ؟ لأننا بنينا وقتلنا الفساد والفلتان وطبقنا القانون واصلحنا أنفسنا بغض النظر عما يناقض ذلك من قول. وأما الذين ظلموا الشعب فلن يدقوا بابه ثانية مهما حصل..

غدا الخميس...هناك موعد في غزة للشعب.. مع الشعب. ماذا يريدون؟ سنسمع. وقد لا نسمع