شكلت معركة الكرامة البطولية في 21/3/1968 الانطلاقة الثانية المتجددة  للثورة الفلسطينية التي كان لها الفضل في شق طريق الكفاح المسلح، ومبادرة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بإطلاق الطلقة الأولى العام 1965 معلنةً بذلك افتتاح عصرٍ جديد، عصر الثورة المعاصرة، عصر الكرامة الفلسطينية.

لقد اكتسبت معركة الكرامة أهميتها التاريخية في الصراع القائم ضد الاحتلال الإسرائيلي من خلال عدة أسبابٍ موضوعية أحدثت تحولاً في المنطقة.

 

أولاً: لقد وقعت معركة الكرامة بين أبطال المقاومة الفلسطينية وجحافل العدو الإسرائيلي بعد نكسة حزيران العام 1967، عندما تمكن الكيان الإسرائيلي من الإطاحة بقدرات ثلاثة أنظمة عربية بضربات جوية مفاجئة شلَّت القدرة على اتخاذ قرارات المواجهة وأصبحت في دائرة الاستسلام، والبحث عن إمكانية التوصل إلى قرار دولي يحمي الدول العربية من الغطرسة الإسرائيلية، ثم كان القرار 242، والذي أسفر عن حالة الإذعان العربي، وترك آثاراً معنوية ومادية سلبية في نفوس، وعقول، وأعماق الأمة العربية. وكان لمعركة الكرامة الفضل الأول في عملية رد الاعتبار بعد الهزيمة الصارخة.

 

ثانياً: لقد أكدت معركة الكرامة بأنَّ الإرادات أقوى من ترسانات الأسلحة، فأبطال معركة الكرامة من حركة فتح ومن باقي الفصائل بإرادتهم الصلبة استطاعوا أن يغيروا مجرى التاريخ من الهزيمة إلى الانتصار. فبضع مئات من الثوار بأسلحة خفيفةٍ وذخيرةٍ محدودة هزموا اثني عشر ألفاً من جنود العدو مدججين بكافة أنواع الأسلحة، ومدعومين بالطائرات والمدفعية والدبابات. وهكذا سقطت مقولة الجيش الأسطوري على أيدي الفدائيين الفلسطينيين.

 

ثالثاً: إنَّ المشاركة الفعَّالة لمدفعية الجيش الأردني في قصف المواقع والأرتال الإسرائيلية كان له تأثير كبير في مجرى هذه المعركة التاريخية، وهذا يؤكد بأن الجيوش العربية هي جيوش أصيلة، وقادرة على الصمود والمواجهة عندما تمتلك زمام المبادرة، وهذا ما أكده القائد العسكري الأردني منصور حديثة بإعطاء الأوامر بالتصدي للهجوم الإسرائيلي.

 

رابعاً: عندما توحَّد الفلسطينيون في الكرامة انتصروا. ولقَّنوا جيش الاحتلال درساً قاسياً على مرأى ومسمع من العالم كله. وعدما أقدم جيش الاحتلال على اجتياح جنوب لبنان، توحَّد اللبنانيون والفلسطينيون فخاضوا معركة الصمود في بيروت على امتداد ثلاثة شهور، وتصدوا لقوات العدو ومنعوها من دخول بيروت.

 

خامساً: ثبت وبالملموس أن القيادة الفلسطينية تمتلك القدرة على أخذ القرار في الحرب والسلم، وأنها تُحسن المزاوجة بين القرار السياسي والقرار العسكري. فالانتصار العسكري في الكرامة رسَّخ وجود الثورة في فلسطين المحتلة، وفي الأردن، وفي لبنان، وخاضت كفاحها الوطني ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتم استقطاب عشرات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية في معسكرات التدريب، والقواعد العسكرية.

 

سادساً: لقد أثبتت قيادة حركة فتح بزعامة الرئيس ياسر عرفات أنها لا تتأثر بالعوامل الخارجية الضاغطة عندما يتعلق الأمر بمصير القضية الفلسطينية، ومستقبل الشعب الفلسطيني، وهي تأخذ قرارها بما يخدم المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، ولا تتردد.

 

إن ما يفرض نفسه علينا في هذه الذكرى هو أخذ العبرة والتي تتمحور حول تحقيق الوحدة الوطنية بين مختلف الفصائل الفلسطينية، والاتفاق على برنامج سياسي واحد يخدم المصالحة الوطنية الفلسطينية الكفيلة بإنهاء حالة الانقسام المدمِّرة، وبالتالي البدء بتفعيل المقاومة الشعبية ضد الاحتلال القادرة على إنهاء مشاريع الاستيطان والتهويد، والمؤهلة لإنجاح أهدافنا وثوابتنا الوطنية وفي المقدمة إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف على الأراضي المحتلة في 4/6/1967، وعودة شعبنا الفلسطيني إلى أرضه التي طُرد منها.

 

الفصائل الفلسطينية وخاصة حركة حماس في قطاع غزة مطلوب منها فتح المجال للجنة الانتخابات لممارسة دورها المطلوب لأن إجراء الانتخابات هو مفتاح النجاح في مختلف القضايا.

 

وإنها لثورة حتى النصر

حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح

مفوضية الإعلام والثقافة- لبنان

21/3/2013