أصدرت محكمة مصرية الثلاثاء 4 آذار الجاري قرارا يقضي بحظر حركة حماس، ومصادرة ممتلكاتها وجمعياتها مؤقتا. القرار القضائي المصري، لم يأتِ كرد فعل انفعالي ضد فرع حركة الاخوان المسلمين في فلسطين، بل جاء نتيجة مجموعة من الشواهد والاعترافات، التي ادلى بها المعتقلون من اعضاء وانصار الحركة المذكورة، فضلا عن التورط بالعديد من العمليات الارهابية ضد الجيش والشعب والمصالح المصرية، وفق ما اعلنت المحاكم والناطقون الرسميون باسم المؤسسات الامنية والسياسية المصرية.
وكانت، القيادة الفلسطينية وما زالت وفي مقدمتها الرئيس ابو مازن، تدعو حركة حماس للكف عن التورط في شؤون الدول العربية، والالتزام بالقانون الناظم للعلاقات الفلسطينية العربية، الداعي: لعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية. لانه لا يكفي الادعاء بالالتزام اللفظي والشكلي بالمبدأ المذكور، بل التقيد الفعلي. وايجاد مسافة بين حركة الانقلاب الاسود في محافظات الجنوب وبين التنظيم الدولي للاخوان، لدرء الاخطار الناجمة عن سياسة جماعة الاخوان المسلمين على المصالح العليا للشعب العربي الفلسطيني.
لكن يبدو ان حركة حماس، لم تتعظ حتى اللحظة من عبر ودروس التجربة المرة، التي تمر بها جماعة الاخوان في مصر وتونس وغيرها من الدول، ومازالت تعتقد، ان سياسة التضليل والخداع والافتراء على الحقيقة تخدمها، مفترضة غباء الآخرين، وبالتالي تمرير الاعيبها، كما كانت تنطلي قبل افتضاح سياسات الاخوان وسياساتها، هي ذاتها باسم "المقاومة" !؟ مع ان شعار المقاومة الديماغوجي لم يعد مقبولا من القوى السياسية وقطاعات المثقفين العرب بعد تبوء جماعة الاخوان مركز القرار السياسي في مصر وتونس، ونتيجة افتضاح دور حركة حماس نفسها امام العرب كذراع ضاربة للتنظيم الدولي لحركة الاخوان المسلمين، ليس هذا فحسب، بل بات مرفوضا، لان "مقاومة" الاخوان المسلمين في انحاء الدنيا كلها، ليست مقاومة ضد الاستعمار الغربي وربيبته اسرائيل، بل هو ضد مصالح العرب الوطنية والقومية.
القرار القضائي المصري على ما يحمله من ابعاد سلبية على علاقة حركة حماس بالنظام السياسي المصري، كونه يعمق عملية التباعد بينهما، لا سيما ان الشرعية المصرية تشعر بالمرارة من سياسات الحركة المختطفة لمحافظات الجنوب الفلسطينية، إلآ انها حرصت على عدم الذهاب بعيدا في معاداة حماس، ولم تلجأ لسياسة حظرها في الاراضي المصرية، ليس لسواد عيونها، وانما حرصا على عدم إعطاء ذريعة لدولة التطهير العرقي الاسرائيلية بشن اي عدوان على محافظات الجنوب، بالاضافة إلى حرصها ايضا لعدم تعريض مصالح ابناء الشعب العربي الفلسطيني عموما وفي محافظات القطاع خصوصا لأية تداعيات سلبية في الشارع المصري، خاصة وان بعض البسطاء أو المغرضين في اوساط الشارع المصري، يذهبون نحو منحى سلبي واقصوي في دس السم وشحن العلاقات الاخوية بين الشعبين والقيادتين المصرية والفلسطينية بالتوتر، وتعميمها بدل حصرها في نطاق القوى المتورطة في اية اعمال تخريبية داخل الاراضي والمصالح المصرية. تلك العلاقات العميقة عمق التاريخ والجغرافيا والعلاقات الاخوية المشتركة. والتي لن يسمح لاي قوى عبثية بتسميمها، رغم ما شابها من تلبد في لحظة سابقة.
لذا على الشرعية المصرية التنبه مجددا لاية تداعيات قد تمس العلاقات الاخوية بين الشعبين والقيادتين. والعمل على الفصل الواضح والصريح بين حركة حماس وعموم الشعب العربي الفلسطيني. لا سيما ان هناك إجراءات للاسف مازالت تحمل مظاهر سلبية من قبل الاجهزة الامنية المصرية بسبب عدم التمييز بين خطأ وخطأ وبين شخص وآخر وبين تنظيم أو جماعة وباقي الشعب. مصلحة مصر المحروسة، هي مصلحة وطنية فلسطينية، لا يمكن لابناء الشعب الفلسطيني بما في ذلك البسطاء منهم التهاون بها. وهم جميعا ضد ممارسات حركة الانقلاب الاسود، الامر الذي يفرض على القائمين على الاجهزة الامنية المصرية انتهاج اساليب اكثر حكمة مع ابناء فلسطين لحماية المصالح الاخوية المشتركة للشعبين والقيادتين.